الجمعة، 20 ديسمبر 2024

لفتة (5) المرتكز الإيماني

 

[5]

المرتكز الإيماني

الثلاثاء 18/9/1443هــ

مكثت عدة سنوات وأنا أبحث عن جواب سؤال جليل وهو: (كيف نغتنم شهر رمضان؟)، وسمعت محاضرات عديدة، وسألت عددا من أهل العلم، وفكرت كثيرا، وجربت بعض التجارب، والذي خلصت إليه بعد كل هذا أن رمضان هو المرتكز الإيماني للعام، وأشرح هذه الفكرة في نقاط:

1-      ينبغي أن يكون نظرك للعبادة على أنها شيء مستمر طيلة العام، وليس محصورا في مواسم العبادات كشهر رمضان، فأنت تنظر في العناية الإيمانية لاثني عشر شهرا، لأنك عبد لله تعالى مطالب بحسن العلاقة معه جل وعلا، ولذلك جئت مرة لأسأل أحد الأئمة عن إتقانه للحفظ، وترتيب جدوله الرمضاني، وتدبره للآيات وما إلى ذلك، فاختصر علي الجواب قائلا: "رمضان هو نتيجة لعنايتك بالعبادة طيلة العام!".

2-      رمضان هو مرتكز العام، أي: المحطة التي تزودك بجرعات عالية، ليتحسن مستواك الإيماني فيكون بعد رمضان أفضل من قبله، وهو مقياس العام، فمن وفق فيه وفق سائر العام.

3-      طريقة تفعيل هذه الفكرة أن تعتني بالعبادة طيلة أشهر العام بحد ثابت، أي يكون لك أهداف محددة تجاهد نفسك على تحقيقها، فإذا وضعت لنفسك قراءة جزء يوميا فتثبت على هذا جميع الأيام، ولا تكون العلاقة متذبذبة لأنك لن تجد أثر الطاعة.

4-      إذا قرُب شهر رمضان فتضع لنفسك أهدافا أعلى من المستوى الذي أنت عليه، لأنه شهر عبادة واجتهاد، والأجواء فيه ميسرة للعبادة، وتشتغل بتدريب نفسك على تحقيق الأهداف الرمضانية في شعبان حتى تستعد النفس وتتهيأ، فتضع لنفسك مثلا قراءة ثلاثة أجزاء يوميا، بعد أن كنت تقرأ جزءاً في اليوم، وتنطلق في شعبان لتقرأ ثلاثة أجزاء، فإذا دخل رمضان وجدت سهولة تحقيق الهدف، لأن نفسك قد تدربت عليه وحققته في شعبان.

5-      إذا انتهى رمضان فيكون وردك في اليوم جزئين، وتثبت على هذا حتى رمضان التالي، الذي سيكون هدفك فيه أربعة أجزاء تقرأها في شعبان ورمضان، وتثبت على ثلاثة بعده، وهكذا يترقى مستواك الإيماني عاما بعد عام، ورمضان هو المنطلق لتحقيق هذه المستويات.

6-      اعلم -رحمك الله- أن العبادة في شوال لن تكون كالعبادة في رمضان، وهذا سيتطلب منك استعانة بالله، ومجاهدة للنفس حتى تثبت على ما حققته، لأن تلك السهولة والإعانة التي وجدتها في رمضان خاصة به، وإذا لم يجاهد المرء نفسه خسر الدربة التي اكتسبتها النفس في شهر رمضان، ولا نقول خسر العبادة لأنه مأجور عليها -بإذن الله تبارك وتعالى-.

7-      تذكر إذا حققت مستوى من المستويات فإنك لا تنزل عنه أبدا، ولذلك إذا كنت تجد في نفسك عدم تمكن وإلف للهدف فابق عليه ولا تنتقل لغيره، لأن المهم هو الثبات وليس الاستكثار.

8-      لا يكن حالك كحال كثير من الناس الذي ليس لهم صلة بالعبادة طيلة العام، فإذا جاء رمضان أرادوا أن يكونوا كالعباد فإذا لم يستطيعوا فتروا، وآخرون يبذلون جهدا يسيرا ثم ينقطعون بعد الشهر ويعودون لحالهم فلا تتغير أحوالهم، ولا يرون أثرا للعبادة.

9-      لا تنس أن من أسباب الفتور أثناء رمضان: عدم عنايتك بالعبادة طيلة العام، فمن كان بعيد الصلة بالعبادة فإنه يشعر بثقل الثلاثين يوما رغم أنها أيام معدودات! ولذا لا يدخل جو العبادة إلا وسط الشهر أو نهايته.

10-                    استعن بالله وحده، فإن العون في الأمور عموما وفي العبادة خصوصا ما لم يصحب المرء لم يصل إلى مراده، وهذا المعنى نردده دون تأمل في كل قراءة لسورة الفاتحة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

11-                    كتبت مقالا عنوانه: "الرحلة الرمضانية"، حاولت فيه أن أترجم النقطتين الرابعة والخامسة إلى برنامج عملي، والاطلاع عليه مهم، لأنه مكمل لهذا المقال وشارح له فيما يتعلق برمضان.

سؤال اللفتة: متى ستحول عبادتك المؤقتة إلى عبادة دائمة؟

وصلى الله على أعبد الخلق..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لفتة (29) كيف أتقن فقه الحج؟

  [29] كيف أتقن فقه الحج؟ الأربعاء 25/3/1447هـــ المقبل على العلم الموفق فيه هو الذي يولي قضية ضبط العلم عناية خاصة، وذلك لأنها طريق...