الخميس، 26 ديسمبر 2024

لفتة (10) الموقف من رد النصيحة

 

[10]

الموقف من رد النصيحة

الأربعاء 24/6/1446هــ

من المواقف المؤلمة التي يمر بها المسلم أن يرى من يحتاج النصح من إخوانه فيبذل له النصيحة لكنه يواجه بعدم قبولها، بل ترد عليه، وأحيانا يُستهزئ به، بل يعادى في أحيان أخرى، فما هو الموقف من عدم قبول النصيحة؟

1-      شكر الله سبحانه وتعالى أن وفقك للقيام بهذه العبادة الجليلة، فإن القائمون بها قليل.

2-      أن تتذكر أن مهمة الداعية هي البلاغ لا الاستجابة، قال ربنا سبحانه: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، فإذا بلّغت وأحسنت في البلاغ فقد قمت بدورك، أما وقوع الاستجابة فأمرها لله سبحانه، إن شاء أنزلها وإن شاء رفعها، ومن طلب الاستجابة انحرفت بوصلته، ثم ترك النصح والدعوة إلى الله بعد فترة من الزمن.

3-      اصبر على ما يأتي من استهزاء أو أذى بسبب النصح، فإن بعض النفوس المريضة لا يطيب لها حال ولا يهدأ لها قرار حتى تستهزأ بمن نصحها أو تعاديه، فلتكن صابرا صبرا عظيما، ولتعلم أن من أوامر الله جل جلاله لنبيه أول الدعوة الأمر بالصبر، فقال سبحانه: {وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)}، وقال سبحانه: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)}، والصبر على ما تواجه من أمارات بذلك النصيحة لله.

4-      مراجعة نيتك وطريقتك، فالداعية ليس سالما من القصور، فقد يكون عدم قبول النصيحة بسبب فساد نيته، بأن يكون نصحه لغير الله، أو تكون طريقته خاطئة، وما أكثر قصورنا في هذا الباب.

5-      اعتبر أيها الداعية بهذا الحال، فعدم قبول النصيحة مرض خطير، وبلاء عظيم، من أسبابه: وجود الكبر، قال سبحانه: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)}، ومن أسبابه شدة الغفلة عن الله تعالى، قال ربنا: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}، فرؤيتي لهذه العبرة يدعوني للاعتبار، ومراجعة نفسي في هذا الأمر حتى لا أقع فيه.

6-      كرر النصح مرارا، ونوّع في الأساليب، واختر أجودها، فالنصح قد لا يقبل من المرة الأولى، لكن مع التكرار يجد قبولا، وقد تعرف من النصح الأول، أن هناك طريقة أنفع من التي سلكتها، تأمل في حال نبي الله نوح -عليه السلام-: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9)}.

7-      نفع النصيحة ليس مقتصرا على قبولها فقط، بل من نفعها أن يبقى الحرام حراما في النفوس، والواجب واجبا في النفوس، وهذا مقصد عظيم من مقاصد الدعوة، والتقصير الكبير في النصيحة سبب لوجود الغشاوة حول الأحكام الشرعية.

8-      لا تطل حزنك على من ردك وامض إلى غيره، فقد قال الله لنبينا صلى الله عليه وسلم: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)}، فالمدعوون كثير، ووقتك محدود، والأعمال التي على عاتقك كبيرة، ومثل هذا الموقف لا يردك أو يوقفك.

سؤال اللفتة: هل أنت مستعد لرد نصيحتك؟

والله الموفق..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لفتة (29) كيف أتقن فقه الحج؟

  [29] كيف أتقن فقه الحج؟ الأربعاء 25/3/1447هـــ المقبل على العلم الموفق فيه هو الذي يولي قضية ضبط العلم عناية خاصة، وذلك لأنها طريق...