نافذة الاستشارات (5) | ما الطريق إلى إشباع المتزوج؟
السؤال:
أخي الكريم.. أنا متزوج منذ سنوات ولكني أشعر بعدم الإشباع في الفراش وأريد أن ترشدني مشكورا إلى الحل، والله يحفظكم.
الجواب:
الحمد لله، أما بعد:
فإني أرحب بك أيها الموفق وأرحب بسؤالك هذا الذي أراه من الأسئلة الملحة عند كثير من الرجال، وأسأل الله أن يلهمني الصواب في الإجابة ويلهمك التوفيق في الفهم والعمل، أقول مستعينا بالله: إن كثيرا من الرجال يظن أن مشكلة الشهوة تنتهي بدخوله إلى عش الزوجية، لكنه يتفاجأ بأنها تستمر معه بل قد تزيد، وذلك لأن المتزوج يصبح أكثر معرفة بمفاتن النساء وبتفاصيل أجسادهن، ولذا فنظرته إليهن أشد وأخطر من نظرة الأعزب العفيف، كما أن تذوق هذه الشهوة والوصول إلى مراده منها يُطمّعه فيما هو أعلى من ذلك، ولذا تتولد هذه المشكلة وهي إرادة الإشباع ويختلف الناس فيها، ويمكن أن نقول أن الشاكي من هذه المشكلة لا يخرج عن أربعة أحوال:
الحالة الأولى: أن يكون واهما، وعلاجه في التجاهل والاشتغال بما ينفع.
الحالة الثانية: أن يكون واهما، وعلاجه في ترك الحرام.
الحالة الثالثة: أن يكون محقا، وعلاجه في الإصلاح مع زوجته.
الحالة الرابعة: أن يكون محقا، وعلاجه في التعدد.
وتفصيلها كما يلي:
فالحالة الأولى: أن يكون واهما في احتياجه للتعدد، وسبب توهمه الفراغ والوسوسة، وشعوره بجريان الشهوة في نفسه، وعدم اشتغاله بما ينفع، فيظن أنه لم يشبع لكنه في الحقيقة شابع، والذي يدله على ذلك أنه لو أرغم نفسه على جماع زوجته أكثر من المعتاد لم تُقبل نفسه على هذا لشبعها، فمن كان يأكل ثلاث وجبات في اليوم واشتهى الأكل وأرغم نفسه على وجبة رابعة ولم يستطع فإنه يدرك بأن شهوته للطعام مجرد وهم، وكذلك من يجامع زوجته ثلاث مرات في الأسبوع مثلا ويشعر بالشهوة فليجرب رابعة وخامسة، فإن أبت نفسه ووجد صعوبة في القيام بذلك، فيعرف حينها أنه متوهم الشهوة ولا شهوة له وهو شابع فليحمد الله أولا، ولينشغل بما ينفعه ثانيا، فإن الفراغ آفة، وقد قال أبو العتاهية في بيته النفيس:
إنّ الشبابَ والفراغَ والجِدَةْ * مَفسدَةٌ للمرءِ أيُّ مَفسَدَةْ
والحالة الثانية: أن يكون واهما، وسبب توهمه القرب من الحرام، وذلك لأن معايشة الحرام كما في الوظائف المختلطة، أو مشاهدته كما في المواد الإباحية يؤجج الغرائز، حتى يظن الشخص أن زوجته لا تكفيه، وأنه بحاجة إلى أربع زوجات أو أكثر حتى يشبع شهوته، وهذه كلها أوهام يولدها الوقوع في الحرام، ومن تركه وجد أن زوجته تكفيه وعادت شهوته لحالتها الطبيعية.
والحالة الثالثة: أن يكون محقا وعلاج مشكلته في إصلاح حاله مع زوجته عموما وفي جانب الجماع خصوصا، فمن الرجال من يكون غليظا مع زوجته سيء التعامل معها، ويتوهم أنه يستطيع أن يأخذ كل ما يريد حتى مع غلظته، لكنه يقع في مثل هذه المشكلة، ولا يدري أنها من فروع سوء الخلق، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل عن ذلك فقال: (يَعْمِدُ أحَدُكُمْ، فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِن آخِرِ يَومِهِ).
وإما أن يكون علاج مشكلته يتطلب إصلاحا لجانب الجماع خصوصا، من جهة مرات الجماع ووقته، أو من جهة مهاراته وفنونه، فإما أن يكون الإصلاح من جهة عدد مرات الجماع وأوقاته، فحينها يتفق الزوجان على أوقات تناسبهما ويأخذان عدد المرات الذي يكفيهما، وإما أن يكون الإصلاح من جهة المهارات والفنون، فهنا لابد من تعلم الجماع وطرقه وتفاصيله، فالجماع يُتعلم مثله مثل سائر الأمور في الحياة، وليس أمرا يُعرف بالبداهة ويُمارس بالعفوية، نعم يمارسه البعض بالعفوية وتمضي أموره لكنه ليس الأفضل والأتقن، فهناك الكثير ممن لم يعرف كيف يشبع نفسه وزوجته، ويتأكد هذا على الرجل في حق زوجته، لأن طريقة إشباعها لا تعرف على البداهة بل تحتاج إلى تعلم، ومن عرف كيف يستمتع بكل جزء من أجزاء زوجته تلذذ وأُشبع، ومن لم يعرف طالت حسراته.
وعندي اعتقاد أن كثيرا من النساء لا يزلن أبكارا بكارة معنوية، أي: أن زوجها لم يستمتع بها الاستمتاع الكامل، فهو يقترب منها ويمسها مسا خفيفا ثم يقوم، ويظل يشتكي من عدم الإشباع! وهو قد وصل وذاق ولم يشرب حتى يرتوي!
والحالة الرابعة: أن يكون محقا وقد بذل كل ما في يده، من تجنب الحرام، وتعلم الجماع، والإكثار منه، وسلوك الطرق الصحيحة والمناسبة، ومع ذلك لا تزال حاجته قائمة، فعلاجه في التعدد، فيقبل عليه مستعينا بالله طيب النية فيه، فينوي أن يتزوج زواجا كاملا يقوم فيه بحقوق المرأة وما ينتج عن هذا الزواج من أولاد، ويحذر من النية السيئة التي يريد بها أن يتمتع بالمرأة متعة عابرة كما يتمتع أهل الحرام مشترطا تنازلها عن كثير من حقوقها، فمثل هذا لا يوفق ولا يعان على إشباع شهوته، وقد اشتكى لي يوما رجل من هذه المشكلة فوجدت أنه يطيل نظره في النساء، ويُقصّر في أوراده الإيمانية، ويقع كثيرا في هذه الزواجات العابرة والسريعة، حتى أصبح عنده سعار في الشهوة، فهو يلهث كل يوم خلف امرأة ولا يجد الإشباع، ولا أفسر ذلك إلا أن الله حرمه الإشباع بسبب سوء نيته وعدم دخوله في زواج صحيح كامل.
هذه هي حالات المشكلة الأربع، وقد يجتمع منها اثنان في المرء كأن يكون فارغا وواقعا في الحرام، أو واقعا في الحرام وعنده خلل مع زوجته، ومن صدق مع نفسه عرف من أي الأقسام هو ثم اشتغل بعلاجها حتى تشفى، أسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرام وبفضله عما سواه، وصلى الله على نبينا محمد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق