[29]
كيف أتقن فقه الحج؟
الأربعاء 25/3/1447هـــ
المقبل على العلم الموفق فيه هو الذي يولي قضية ضبط العلم عناية خاصة، وذلك لأنها طريقه إلى الانتفاع به، ويتأكد هذا في الكتب الصعبة ككتاب الحج، ومن أسباب صعوبته: كثرة تفاصيله مع قلة تطبيقها، فقد لا يحج المسلم إلا مرة واحدة في العمر، ولذا فنحن بحاجة إلى أن نتذاكر بعض الطرق المعينة على ضبط هذا الكتاب، ومن الله العون والتوفيق.
1- استحضار مكانة العبادة ووجوب تعلم أحكامها: فالحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، والمسلم مأمور بالتفقه في العبادة قبل الشروع فيها، قال ربنا جل وعلا: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}.
2- إدراك صعوبة الحج وما يحتاجه من الوقت للفهم والضبط: فكثير من الراغبين في الحج يظنه كسائر العبادات يمكن تعلم أحكامه في وقت وجيز، وهو لا يدرك احتواءه على كم كبير من العبادات تؤدى في وقت وجيز! والمدة التي أراها مناسبة لضبط الحج شهران، يبدأ الحاج في تعلمه اليوم الأول من شوال وينتهي الأول من ذي الحجة، ومن جرب عرف أنها مدة مناسبة بل قد تكون ضيقة على من أراد أن يحج حجا متقنا يجعله يعود كيوم ولدته أمه!
3- الجمع بين الجانبين الفقهي والإيماني: لأن العبادة لها ظاهر وباطن، فظاهرها أفعال الجوارح، وباطنها أعمال القلب، والكمال في الجمع بينهما، حتى يتقن الحاج حجه ويجد أثره.
4- شمول الجانب الفقهي لأجزاء الحج وصفته: فهناك أربع عبادات ضبطها يستلزم الجمع بين أجزائها وصفتها، وهي: (الوضوء، والصلاة، والعمرة، والحج)، فلا يقتصر المتعلم لفقه الحج على مجرد الأجزاء، وهي: (الشروط، والأركان، والواجبات، والمستحبات، ...إلخ)، أو يقتصر على معرفة صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم فقط كما في حديث جابر، وذلك لأن ثمرة الأجزاء معرفة الأحكام، وثمرة الصفة معرفة ترتيب الأجزاء، ومعرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والحاج بحاجتهما جميعا، قال شيخنا صالح بن عبد الله العصيمي: "من أراد إحكام مسائل الحج فعليه أن يدرسها في كتب الصِّناعة الفقهيَّة المشتملة على ذكر أركان الحجِّ وواجباته ومفسداته وأعماله، وأن يدرس الكتب المصنَّفة في صفة الحجِّ، ففيها سرد صفته مرتَّبةً على الأعمال، وأن يحجَّ أكثر من مرَّةٍ، فبهذه المسالك الثَّلاثة تقوى معرفته بمسائل الحجِّ".
5- دراسة الجانب الفقهي بإجمال ثم تفصيل: فالحج طويل وواسع، ومما يعين على ضبطه أن تدرس الجانب الفقهي بقسميه مجملا، وإذا أتقنته دخلت في الدراسة التفصيلية، وقد بحث عن أقصر وأشمل رسالة في الحج فوجدت رسالة: "خلاصة صفة الحج" لصالح بن سعد القحطاني، وهي رائعة ومحررة.
6- فهم الجانب الإيماني ثم العمل بمادته: الجزء الثاني من فقه الحج هو العناية بالقلب ومسائله، ويُضبط هذا الجزء بفهم مسائله ثم العمل بها قبل الحج بمدة كافية، حتى إذا تشربها القلب وانتفع بها قدر على فعلها في الحج دون عناء، ومن اعتقد أن إصلاح قلبه وتهذيب روحه يبدأ مع بداية أداء المناسك فقد أخطأ الفهم، وحرم نفسه فرصة عظيمة من فرص تزكية النفس، وذلك لأن القلب يحتاج إلى وقت طويل حتى يتشرب معاني الحج ويعمل بها ويتقنها!
7- فهم الجانبين ثم حفظ مسائلهما: فضبط الأحكام يستلزم الجمع بين الفهم والحفظ، فتفهم مسائل الحج ثم تحفظها، وتفهم الجانب الإيماني وتحفظ ما تحتاج إليه كالأدعية، وذلك لأنه لن يبقى معك عند الممارسة العملية إلا ما حفظت، فاحفظ فقهيا رسالة "خلاصة صفة الحج" ثم زد عليها ما احتجت إليه، واحفظ إيمانيا رسالة "الدعاء" للشيخ سعيد بن وهف وزد عليها ما احتجت إليه.
8- مراجعة فقه الحج سنويا: فالعلم لا يتقن من مرة واحدة، ومن أراد الرسوخ فعليه بالتكرار، وذلك بأن تقرأ أحكام الحج سنويا وتراجعها حتى ولو لم تحج.
9- تكرار الحج قدر المستطاع: فكل حجة تحجها تزيد من فهمك للمسائل، وتفتح عليك مسائل أخرى لم تكن ببالك أثناء التعلم، وبهذا يزيد علمك في عملك وعملك في علمك!
10- تدريس الحج لغيرك: ولا يستلزم هذا أن تكون طالب علم أو مفتيا، فتدريسه لأهل بيتك، وأولادك، وأصحابك، ولو بصورة مبسطة مختصرة، يزيد من ضبطك له، وقد قالوا: إحياء العلم مذاكرته.
سؤال اللفتة: كم تطبق من هذه العشرة في دراستك للحج؟
اللهم أعنا على ضبط العلم والعمل به..