[0]
تأسيس الالتفات
الجمعة 12/6/1446هــ
منذ سنوات -بحمد الله- وأنا أكتب المقالات في مدونتي وأحب ذلك، وتوقفت من فترة عن الكتابة والنشر، فكنت قبل أيام أسأل نفسي عن سبب ذلك؟ فوجدت أن المقالات نوعان:
النوع الأول: مقال الرؤية.
النوع الثاني: مقال الفكرة.
وعادة الأول يكون متينا وطويلا ومركزا، والثاني مختصرا وسريعا، ولا شك أن الأول أنفع لأنه يقدم رؤية متكاملة عن موضوع ما، والثاني أكثر انتشارا لقصره واعتماده على فكرة واحدة.
ثم وجدت أن مقالاتي هي من النوع الأول، فأنا أحب أن أختار موضوعا، ثم أكون عنه رؤية عميقة أحشوها بكثير من الأفكار، ثم أقدمها في مقال طويل مشبع، وهذا يأخذ من تفكيري ووقتي وجهدي، لكنني بسبب الوقوف على هذا النوع توقفت هذه الفترة الطويلة، فآخر مقال نشرته قبل ستة أشهر، والذي قبله قبل سبعة أشهر، فقررت أن أفتح لنفسي الكتابة في النوع الثاني، والتي أرجو منها أمورا:
أولها: استمرارية الكتابة والنشر لنفع نفسي وغيري، فالمداومة سر النجاح، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (أحبَّ الأعمالِ إلى الله أدومُها وإن قَلَّ).
وثانيها: إعانة على نفسي على الكتابة، فهي جليلة، وآثارها كبيرة، وهي تنضج العقل وتنميه، وفتح المجال للكتابة السريعة المختصرة يعين على استمراريتها مع قلة الكلفة.
وثالثها: أنني مؤمن بأن تطوير التراث سهل، لكن الصعب إنتاجه، وإنتاجه لا يتم إلا عبر السنين، فينتج المرء إنتاجا مستمرا ولو قلت جودته، ويسهل عليه بعد ذلك تطويره وتحسينه.
ورابعها: أن هذا النوع من الكتابة مفيد في حفظ أصول الأفكار، فمن يحب التأمل ينتج أفكارا كثيرة باستمرار، لكنه يترك نشرها أحيانا بسبب إرادته تحريرها وإنضاجها، ومع كثرتها تضيع مع الأيام، وقد قابلت جملة من المشايخ وطلبة العلم والمثقفين الذي يحملون عشرات الأفكار الرائعة، لكنهم لم ينشروها طلبا لتحريرها في وقت فراغ قادم!
وخامسها: أنه كلما كثرت قنوات العطاء كثر نتاج المرء ونضج، فالذي يحصر نفسه في نوع واحد من العطاء كالمحاضرات فقط، أو المقاطع القصيرة، أو غيرها يضيع كثير من علمه لعدم وجود مسارات يخرج فيها.
وسادسها: أن عقل طالب العلم ثري بالأفكار والتأملات والمعلومات يوميا، وإن لم يفّعلها وينشرها، خسر وخسر الناس معه، فأما خسارته فمن جهتين: جهة إنضاج ما لديه، وجهة كسب الأجر بنفع الناس، وأما خسارة الناس فمن جهة فقدان هذا الثراء المستمر.
والله أسأل أن يعينني على ما أردت، وأن يبارك في عملي هذا، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق