الخميس، 27 يونيو 2024

سلسلة الأوراق الدعوية (1) خارطة كتاب الداء والدواء

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف رسل الله، أما بعد:

كتاب الداء والدواء من أجل  ما كتب في التراث الإسلامي، وحقه أن يدرس لا أن يقرأ، وحاجة كل مسلم له كبيرة خاصة الشباب، لأنه يقدم منهجية متكاملة في كيفية التعامل مع الذنوب عموما والشهوات خصوصا، ومما يعين على الانتفاع به: وجود خارطة تبين موضوعات الكتاب وتربط بينها، وقد اجتهدت في هذه الخارطة نفعا لنفسي وإخواني، مع التنبيه بأني قد شرحت الخارطة في مقطع على قناتي، والله أسال أن يقبلها وينفع بها.

رابط الخارطة

https://drive.google.com/file/d/1rmqk6KESIL6IYBJ8iaoPCosQqRLkt5AB/view?usp=sharing 

رابط المقطع

https://www.youtube.com/watch?v=PJVHPjmPqS8 


والله يحفظكم

 

الاثنين، 10 يونيو 2024

رؤى (4) ومضى عام دراسي

 

ومضى عام دراسي

 

بعد نهاية عام كامل -بحمد الله وتوفيقه- من التعليم والتربية والعطاء يحق لنا أن نقف جميعا -معلمين وطلابا وأولياء أمور-وقفة تأمل في هذا العام الدراسي وما حصل فيه، فقد ذهب عام من أعمارنا، بُذلت فيه جهود، وحصلت فيه مواقف، والموفق من استخرج من ذلك الدروس والعبر، ولكل شخص دروسه الخاصة، لكني أحببت أن أدون ما ظهر لي من دروس وأنشرها طلبا للفائدة:

1-      لا يذوق فرحة الختم والتخرج إلا من تعب -وهذه سنة حياتية عامة-، فالمعلم المقصّر لا يجد لانتهاء العام لذة ولا أنسا، والطالب الكسول الذي قضى جل العام في النوم واللعب لا يذوق اللذة التي يذوقها الطالب المجد، وهي لذة داخلية في النفس، أعظم من الحفلات، والشهادات، والجوائز، وما نراه اليوم من كثرة حفلات التخرج يحمل دلالة على فقد هذه اللذة الداخلية، لا سيما مع إدراكنا أن كثيرا منهم ليس من أهلها.

2-      لا يجازي المعلمين على جهودهم الجبارة إلا الله تبارك وتعالى -وهذه قضية عظيمة-، فالمعلم يعمل في البنية التحتية للمجتمع، فهو المؤسس لأصحاب المهن، وغارس الفضائل في الأجيال، ولكن عمله خفي وأثره ظاهر، وإذا استحضر المعلم قضية الإخلاص، وغرسها في نفسه، وكررها مرة بعد مرة، لم يأسف على ما يجد من احتقار، واستهزاء، وتجاهل، فكل المواقف الأليمة التي تمر به تذكره بالغاية العظمى وهي رضوان الله تعالى وابتغاء جزائه، وإذا لم يكن مخلصا لربه انقطع عن البذل، وأصبح اسما لا معنى له، ورجلا لا وزن له، يجر أقدامه جرا للمدرسة، من أجل مرتب آخر الشهر.

3-      قدرات طلابنا أكبر من توقعاتنا، ومن أكثر ما يفسد العلم والتربية "الرحمة المزعومة"، التي يحرم فيها المعلم وولي الأمر ابنه من علم وتربية ومهارة شفقة عليه من التعب، وظنا بأنه يمكن إدراك ذلك بالراحة، والحقيقة أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وعند الممارسة العملية نجد أن طلابنا يملكون قدرات كبيرة في الحفظ، والفهم، والقراءة، والتحصيل، والمهارات، والمواهب، لكننا نقتلها بحرمانهم الجدية، وإبقائهم على الألعاب والتفاهات، ولن تعرف قدرات طلابك وأبنائك حتى تصل بهم إلى أمور يعجزون عنها، فتدرك أن ما سبق في قدراتهم، وكثيرا ما نردد قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} مستدلين بها على الأمور التي خارج وسعنا، لكننا نغفل عن مفهوم المخالفة وهو أن الله يكلفنا بما في وسعنا، فهل عرفناه؟ وبذلناه؟ ووالله إنه لسؤال كبير والتفريط فيه كثير.

4-      من الظلم للأجيال أن تُغرف لهم الدرجات، وتعطى لهم المستويات بغير استحقاق، فإن ذلك تربية لهم على الضعف والكسل، ومساواة للمجتهد بالمفرط، وخيانة للأمانة، وإيهام في المستويات والحقائق، أما المعلم الجاد فهو وإن آلمنا حزمه لكنه يوقف أبناءنا أمام مستوياتهم الحقيقية، ويعينهم على نفض غبار الراحة والكسل، ويقوم بالأمانة التي تبرئ ذمته، ويرقي نفسه وطلابه بالعلم والتربية.

5-      علاقة المعلم بطلابه وزملائه مؤقتة، فكثير منها لا يتجاوز السنة، وأنت في هذه السنة إما أن تغرس غرسا يسرك أو يسوؤك، فهؤلاء الطلاب الذين يجلسون بين يديك لن تراهم بعد عام من الآن، وسيكونون مجرد ذكرى عابرة في الأذهان، يبقى منها الحسن الخالص والسوء الخالص، ويُنسى ما بين ذلك، وكذلك علاقة المعلم بزملائه تأخذ بها الظروف يمنة ويسرة، فيتفرقون بعد أن جمعتهم مدرسة واحدة وسفرة واحدة، فلكل بداية نهاية، ومن استحضر النهاية في البداية أحسن العمل.

6-      يشيخ الجسد لكن الروح لا تشيخ، يدّعي بعض المعلمين أن النشاط صفة ملازمة للسنوات الأولى فحسب، لكن سنة الحياة أن المرء إذا تقدم في عمره تعب وأصبح يقدم الفتات، والحقيقة خلاف ذلك، فحماس المعلم ونشاطه ليست مرتبطا بسنوات عمره أو خدمته، وإنما بالهمة والدوافع، فمن كانت همته عالية ودافعه الأجر الأخروي كان حماسه مستمرا إلى آخر يوم في التعليم، بل تجاوز إلى ما بعد التقاعد، ذات يوم سألت أحد المعلمين عن نشاطه فقال لي: "أدرس منذ عشرين سنة ونشاطي في آخر سنة كأول سنة بل أكثر ولله الحمد والمنة، وسر ذلك فيما أحسب أن دافعي هو الأجر الأخروي، فأنا أرى أن التدريس طريق إلى الجنة وعبادة أتعبد الله بها".

7-      هل لك رسالة توصلها؟ بعض المعلمين يقول: "تخصصي لا يسمح لي أن أكون صاحب رسالة"، والحقيقة أن الرغبة غائبة لا الفرصة، فكل معلم يمكن أن يكون ذا رسالة وتأثير، حتى معلم الرياضة الذي يكثر التندر به لو أراد لأثّر في طلابه كما يؤثر معلم التربية الإسلامية.

8-      كلمات الإحباط أسلحة قاتلة للهمم والنفوس، وأجدها أكثر الأمور انتشارا وتهاونا، فكلمة عابرة لا تلقي لها بالا تقصم ظهر معلم، وتضعف همة طالب، وتحبط ولي أمر، والواجب عدم التساهل معها ولا مع أصحابها، ولو كانت على سبيل المزاح، فإن السلاح لا يعرف نية صاحبه.

9-      الموفق من اغتنم هذه اللحظات بمحاسبة نفسه أيا كان معلما أو طالبا أو وليا، ودوّن إخفاقات العام المنصرم وتطلعات العام المقبل، فلا شك أنه وقع منا قصور وأخطاء، وفي مقابلها نجاحات وإنجازات، مع ظهور جملة من الفرص التي تمنينا أن اغتنامها ولم نستطع، فهذه الورقة تهيؤك للعام المقبل وترقيك درجات في الأداء.

10-                    من الرقي والوعي ألا تكون إجازاتنا انسلاخا كاملاً من الدين والجد، فتُترك الصلوات، وتضيع الآيات، ويُسافَر إلى بلدان تمحو الأخلاق والقيم، مع فوضى عارمة في البيوت والجداول، وهذه ليست من المتعة في شيء، ولا تمت للترويح بصلة إلا عند الجهال، لم يمنعك أيها المبارك أحد من الترويح عن نفسك وأولادك، والاستجمام بعد التعب المبذول، لكن يبقى النظام العام قائما، من أداء الصلوات، والحفاظ على العبادات، مع انضباط الأخلاق، واستمرار الهمة العالية في الترقي بالجوانب الخفيفة كتعلم المهارات الرياضية، أو إتقان السباحة وركوب الخيل، أو تحسين الخط، أو إتقان برامج حاسوبية جديدة، ولا شك أن الهمة العالية تقتضي ما هو أعلى من ذلك كمراجعة تحصيل العام ولو قليلا حتى لا يتهدم البناء العلمي.

 

هذه دروس خرجت في نهاية العام لكنها خلاصة مركزة تستحق أن تُقرأ أول العام وآخره، وهنيئا لمن كان هذا العام زيادة له في دينه ودنياه.

اللهم ارزقنا العلم النافع والعمل الصالح، اللهم آمين.

 

تم بحمد الله الثامنة مساءً من يوم الاثنين

الرابع من ذي الحجة لعام خمس وأربعين بعد الأربع مائة والألف

الخميس، 6 يونيو 2024

نافذة الاستشارات (3) | كيف أعد دورة تدريبية؟

 

نافذة الاستشارات (3) | كيف أعد دورة تدريبية؟

السؤال:

أحب الدورات التدريبية حضورا وإلقاءً، أما الحضور فقد حضرت كما كبيرا منها، وأما الإلقاء فلم ألق إلا مرة واحدة، لكني متردد في الإقبال على التدريب والاشتغال به، فهل تنصحني بذلك؟ وكيف أعد الدورة إعداد متقنا؟

الجواب:

الحمد لله، وبعد:

الدورات التدريبية من الأساليب التعليمية النافعة، وحاجتنا إلى اكتساب المهارات الحياتية العامة أو الوظيفية الخاصة لا تنتهي، وضعف ساحة التدريب اليوم له أسباب كثيرة، منها: أن جملة ممن دخلوا التدريب سابقا كانوا يقصدون المال، أو مسايرة الموضة، والمال ذهب والموضة انتهت، ولم يبق إلا أصحاب الهمم الذين يريدون أن ينتفعوا أو ينفعوا، وأحسبك منهم إن شاء الله، ولذا بما أنك تحب هذا الجانب وتجد نفسك فيه، فأنصحك بأن تشتغل به ولو كهدف فرعي من أهدافك، وأن تجعله أحد العبادات التي توصلك إلى الجنة، وإليك جملة من القواعد المعينة على تقديم دورة تدريبية نافعة ومتقنة:

1)      أخلص نيتك لله وحده، واجعل هذه الدورات مهما كانت دنيوية طريقا للأجر والثواب.

2)      ادع الله وحده بأن يوفقك في إعداد الدورة وإلقائها.

3)      اختر موضوعا تحبه ولك به خبرة نظرية أو ممارسة عملية، فإن إبداعك في الموضوعات التي تحبها أكثر، وحديثك في الجوانب التي تتقنها أقوى.

4)      الإعداد، ثم الإعداد، ثم الإعداد، وأكبر خطأ يتكرر عند كثير من المدربين ظنهم أن الدورات قائمة على السوالف، فلا تجدهم يحضّرون لما يقولون، وتصبح الدورات هشة لا قيمة لها، تضيع بها الأوقات، ولا تتحقق بها الأهداف.

5)      ابدأ في التدريب بدورات اليوم الواحد تدرجا بنفسك في هذا الجانب حتى تقوى ويشتد عودك، واعلم أن كل ساعة في التدريب تحتاج إلى إعداد عشر ورقات تقريبا، فإذا كنت ستلقي خمس ساعات فأقل ما تعد خمسين ورقة، وإذا كنت ستلقي عشر ساعات فأقل ما تعد مائة ورقة، واعلم أن هذا عدد الأوراق المحررة لا المجّمّعة، فتقرأ كتابين أو ثلاثة في الموضوع ثم تدون ما استفدته منها في ملف وورد، ولنفترض أنك قرأت في فن الإلقاء ثلاثة كتب، وكان مجموع ما كتبته من فوائدها ستين ورقة، وأنت بحاجة إلى ثمانين، فتكمل الباقي بالبحث عن بعض المقالات النافعة في الموضوع على الشبكة.

6)      حضّر أكثر من المادة التي ستلقيها، حتى تنفعك هذه الزيادة في الإجابة على أسئلة المتدربين.

7)      إذا جهزت المادة العلمية فاقرأها كاملة واشتغل بالتأمل فيها، ما فائدة التأمل؟

أولا: تكوين قالب الدورة الذي ستوظف فيه المعلومات، فأنت بحاجة إلى أن ترسم قالبا وهيكلا لدورتك، ثم تسكب المعلومات التي عندك في هذا القالب، وفكرة القالب قد تكون ناشئة من احتياج في الواقع، أو ناتجة من خلال قراءة الكتب أو غير ذلك.

إذا سكبت المعلومات التي لديك سيظهر هناك نواقص في القالب، فبعض الفقرات ليس فيها أي معلومة، أو المعلومات التي فيها قليلة، حينها قم بالبحث عن معلومات تملء تلك الجوانب الناقصة.

ثانيا: استخراج خبرتك وأفكارك ودمجها بالمادة العلمية، وهذه لها طعم عند السامع، خاصة إذا كانت تجربتك وأفكارك جديدة وثرية.

ثالثا: تنقيح المادة بإعادة صياغتها، والحذف منها، وترتيبها، وتصحيح الأخطاء التي فيها.

رابعا: ربط المادة العلمية بالواقع العملي، وإيراد أكبر قدر من الأمثلة الواقعية التي تقرب المادة إلى الأذهان، وتجعل التدريب مربوطا بواقع المتدربين لا مجرد كلام يسبح في الخيال.

خامسا: إضافة المهارات العملية على المادة العلمية.

8)      من توفيق الله لك أن تربط دورتك بالوحي دون تكلف، فخلو الدورة من الوحي تماما خطأ، وتكلف ربط كل شيء بالوحي خطأ آخر لأنه مزلة أقدام.

9)      ما هدف التدريب؟ هذا السؤال عندما لم تُحرر إجابته رأينا في واقع التدريب اختلافا شاسعا بين المدربين، فمنهم من يرى أن هدفه المعلومات، ولذا فهو يسعى إلى حشو أذهان الحاضرين بأكبر كم منها، وربما أعطاهم مذكرة من مئات الصفحات ليستفيدوا منها، أو أرسل لهم عشرات الملفات الإلكترونية حتى ينفعهم، ومنهم من يرى أن الهدف هو تصحيح المفاهيم فتجده يشتغل كثيرا بالحوارات والنقاشات وتخلو دورته من المعلومات والمهارات، ومنهم من يرى الهدف هو التدريب فيكون تركيزه على إكساب المشارك المهارات، هؤلاء الثلاثة هم الجادون أما غيرهم من الهازلين فكثير، ممن يرى الهدف في الكسب المالي، أو التخلص من العمل الذي كُلف به، أو مجرد الظهور والبروز، أو غير ذلك.

من المصيب من الثلاثة؟

وجهة نظري أن هدف التدريب في اسمه، فالمقصود هو إكساب المهارات، وبهذا يتميز التدريب عن غيره، فالمعلومات موجودة في المحاضرات، وإذا كان هدف التدريب المعلومات فما الفرق بينه وبين المحاضرات؟! وأما تغيير القناعات وإكساب المفاهيم فهو هدف نافع لكنه فرعي وليس أصلي فلا نفرغ الساعات الطوال من أجله، وقد يتحقق وقد لا يتحقق، مع تحققه ضمنا لمن كان هدفه التدريب، والصورة التي أراها للدورة التدريبية: (20% مادة علمية، و80% مهارات عملية)، ويدخل في العشرين تأسيس المفاهيم، وتغيير القناعات، ولا يسمى التدريب تدريبا إذا لم يكن فيه إكساب مهارات، ومن الغرائب والعجائب أن أكثر الدورات تخلو من التدريب!!

10) ينبثق هنا سؤال: هل يلزم أن يتقن المتدرب المهارة؟

الجواب: إذا كانت الدورة قصيرة فيكفي أن تعطيه مفتاح المهارة، وذلك 1- بشرحها له، 2- وتعليمه الخطوات العملية للمهارة، 3- التطبيق اليسير لها من المدرب مرة، ومرتين أو ثلاثا من المتدربين، وإتقان المهارة بعد ذلك يكون على المتدرب، وهو في ذلك يحتاج إلى ممارسة طويلة كما قال ابن القيم: (فإن كثرة المزاولات تعطي الملكات فتبقى للنفس هيئة راسخة وملكة ثابتة)، وأما الدورات التدريبية الطويلة فيعطي المدرب المتدرب أكبر وقت ممكن للتدريب، ويشارك في ذلك جميع المتدربين، وتتاح فرصة التدريب على المهارة الواحدة أكثر من مرة، كما يعطون واجبات عملية منزلية تعين على اكتساب المعلومات وإتقان المهارات.

11) إذا كنت راغبا في مزيد فائدة للمتدربين فافتح المجال للتواصل معك بعد الدورة، ليرسلوا لك تطبيقاتهم على المهارات ويأخذوا ملاحظاتك وتقييماتك لهم.

12) صمم بعد ذلك عرض البور بوينت، وأبدع في ذلك، فللعين حق ينبغي أن تأخذه، ومهارة العروض تقوم على أن تجعل في الشرائح عناوين الفقرات، مع الصور والجداول، وأما شرح الدورة فهو في صدرك، واحذر كل الحذر من أن تضع كامل المادة العلمية على العرض فهذا خطأ كبير، لأنه يصرف الأذهان عنك، ويفقد التشويق، ويشغل المتدربين بالقراءة، لكن عندما تكتفي بعناوين الفقرات، وبعض النقولات الهامة، مع الصور والمقاطع والجداول يبقى المستمع مركزا معك متشوقا لما تقوله في كل فقرة.

13) الدورات القوية تبدأ ببداية قوية، وذلك من خلال تأصيل علمي متين في موضوع الدورة، ثم تنتقل بعد ذلك للنقاشات والتدريبات، وإذا كانت الدورة أكثر من يوم فتفعل نفس الأمر بداية كل يوم، ولهذه المقدمة العلمية فوائد:

أولها: اغتنام نشاط أذهان المشاركين، فإنهم يكونون في قمة نشاطهم أول الدورة، وهذا النشاط لا بد أن يُملأ بمادة علمية دسمة، وفي أوقات فتورهم كآخر الدورة، يكون الوقت للنقاشات والتطبيقات، ومن الأخطاء المنتشرة: البدء بطريقة ضعيفة باهتة كسؤال المتدربين عن هدفهم من الدورة، وإقامة فقرة تعارف، ومقدمات نظرية لا فائدة منها، فهذه تدل على ضعف مادة المدرب، وتذهب نشاط المتدربين، وتمنع من الانتفاع بالمعلومات الدسمة التي ستأتي لاحقا.

وثانيها: ضرورة توجيه الأذهان للرؤية التي تريد أن تقدمها، فلكل مدرب رؤية، والموضوع الواحد يمكن أن يقدم برؤى مختلفة، واتجاهات متعددة، ومن أهم فوائد المقدمة التأسيسية رسم الإطارات التي ستسير فيها الدورة، وتقديم خلاصة الرؤية التي تتبناها في الموضوع، وهذا سيفيدك في فهم الأذهان واجتماعها على رؤيتك، مع السلامة من المعارضات أثناء الدورة، أما المعارضات في مقدمة الدورة فهي صحية وطبيعية، وهذه المعارضات التي تأتيك على قسمين: إما من شخص يريد الفائدة فهذا حاوره ولو طال الوقت، فإن الحوار ينضج رؤيتك، ويُفهم المقابل، وإما أن تكون المعارضة من شخص لا يريد الفائدة فهو يعارض لأجل المعارضة فهذا حاوره بطلف في البداية، فإن رأيت تعنته فقل: هذه رؤيتي ولي الحق في تقديم الدورة عليها، ولك الحق في رفضها، وإن شئت فأقم دورة على رؤيتك.

وثالثها: التأسيس النظري للمهارات العملية، فإنك لا تستطيع أن تدخل في المهارات مباشرة دون أن تسبقها بمقدمة نظرية نافعة.

14) طور نفسك في مهارات الإلقاء، من خلال كثرة الممارسة، وحضور دورات الإلقاء، والقراءة فيها.

15) كن حازما في قضية الوقت ابتداءً وانتهاءً، فإذا كانت بداية الدورة الساعة الرابعة فابدأ الرابعة ولو لم يكن عندك إلا شخص واحد، ولا تعاقب المبكرين بخطأ المتأخرين، فإن فيه إهانة لمن حضر وعدم اعتبار لهم ولتبكيرهم، وإذا جاء وقت الاستراحة فتوقف ولا تأخذ من أوقات المشاركين، ويعينك بأن تستعد قبل الاستراحة بربع ساعة لترتيب ختام الفقرة التي أنت فيها، وكذلك احترم وقت الانتهاء ولا تزد عليه، ولا مانع من التقليل منه دون مبالغة، فإذا كانت الدورة تنتهي في العاشرة مساء فلا مانع من ختمها التاسعة والنصف، وليس السابعة أو الثامنة!!، ومما يعينك على الحزم أن تكون واضحا مع المشاركين أول الدورة في قضية الوقت وتقسيمه.

16)  أنماط المتدربين هي نفس أنماط المتعلمين، فالطالب يبقى طالبا ولو كبُر، فستجد فيهم المشاغب، والحريص، والخامل، والمغصوب، والعنيد!!

17) أحضر جميع أدواتك معك (المادة العلمية، أوراق التدريبات، جهازك المحمول، فلاش به عرض البور بوينت، أقلام سبورة، أوراق فارغة)، وكان جاهزا للمفاجآت، فقد لا يعمل جهازك، أو يتعطل العرض، أو ينطفأ الكهرباء، أو تقل الأوراق!

18) سجل الدورة صوتيا واستمع لها بعد ذلك، وسيفيدك هذا في تقييم مادتك وإلقاءك، والاستفادة من المعلومات التي خرجت منك أثناء الدورة ولم تعد لها، وسيكون التسجيل معيناً لك بعد عون الله على تطوير الدورة التالية.

19) جرت العادة إذا أعجب المتدرب بالمدرب أن يطلب منه عرض الدورة، والذي أقترحه عليك أن ترسل له المادة العلمية ولا تبخل بها، فلن يأخذها إلا من رام الفائدة، وفيها مزيد نفع له وكسب أجر لمن احتسب، وأما عرض البور بوينت فالأمر إليك فإن شئت ألا تعطيه فهذا من حقك، لأنه مجرد رؤوس أقلام، كما أن بعضهم يطلبه ليقيم به دورة في نفس الموضوع وهو غير متقن لها.

20) ابدأ في التدريب بالتدريب الداخلي، داخل الدائرة أو المؤسسة التي تعمل فيها، لأن إقامة هذا النوع من الدورات لا يتطلب شروطا كبيرة، ويحبه المدراء، وفيه نفع للزملاء، بشرط عدم الإثقال والإكثار عليهم، ثم انتقل للتدريب الخارجي هنا وهناك.

21) كرر إقامة الدورة مرارا في أماكن مختلفة، واستفد من الخبرة التي تحصل لك في تطوير الدورة باستمرار.

22) إذا ألقيت الدورة مرارا ونضجت لديك فصورها وانشرها عبر اليوتيوب ليزداد الانتفاع بك.

23) تذكر أن الدورات المميزة التي يتعب المدرب فيها يحتاج الناس تكرارها في كل سنة مرة أو مرتين، ولا تقل هذه دورة مكررة والناس في غنى عنها، فإن جملة ممن حضرها يريد أن يحضرها مرة أخرى ليتقن مادتها، كما أن هناك أشخاص سمعوا عنها ويتمنون حضورها، بالإضافة إلى أن المهارات الرئيسية لا بد أن تتكرر دوراتها باستمرار دون انقطاع.

24) للفائدة: عندي رؤية حول "التدريب الشرعي" نشرتها في كتابي "رحيق الدعاة"، أقترح عليك الرجوع إليها والنظر فيها، وإن كان لك قدرة على تطبيقها فلا تتأخر.

هذا ما تيسر ذكره، جعلنا الله وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر، والله أعلم.

 

 

لفتة (29) كيف أتقن فقه الحج؟

  [29] كيف أتقن فقه الحج؟ الأربعاء 25/3/1447هـــ المقبل على العلم الموفق فيه هو الذي يولي قضية ضبط العلم عناية خاصة، وذلك لأنها طريق...