الأربعاء، 17 سبتمبر 2025

لفتة (29) كيف أتقن فقه الحج؟

 

[29]

كيف أتقن فقه الحج؟

الأربعاء 25/3/1447هـــ

المقبل على العلم الموفق فيه هو الذي يولي قضية ضبط العلم عناية خاصة، وذلك لأنها طريقه إلى الانتفاع به، ويتأكد هذا في الكتب الصعبة ككتاب الحج، ومن أسباب صعوبته: كثرة تفاصيله مع قلة تطبيقها، فقد لا يحج المسلم إلا مرة واحدة في العمر، ولذا فنحن بحاجة إلى أن نتذاكر بعض الطرق المعينة على ضبط هذا الكتاب، ومن الله العون والتوفيق.

1-      استحضار مكانة العبادة ووجوب تعلم أحكامها: فالحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، والمسلم مأمور بالتفقه في العبادة قبل الشروع فيها، قال ربنا جل وعلا: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}.

2-      إدراك صعوبة الحج وما يحتاجه من الوقت للفهم والضبط: فكثير من الراغبين في الحج يظنه كسائر العبادات يمكن تعلم أحكامه في وقت وجيز، وهو لا يدرك احتواءه على كم كبير من العبادات تؤدى في وقت وجيز! والمدة التي أراها مناسبة لضبط الحج شهران، يبدأ الحاج في تعلمه اليوم الأول من شوال وينتهي الأول من ذي الحجة، ومن جرب عرف أنها مدة مناسبة بل قد تكون ضيقة على من أراد أن يحج حجا متقنا يجعله يعود كيوم ولدته أمه!

3-      الجمع بين الجانبين الفقهي والإيماني: لأن العبادة لها ظاهر وباطن، فظاهرها أفعال الجوارح، وباطنها أعمال القلب، والكمال في الجمع بينهما، حتى يتقن الحاج حجه ويجد أثره.

4-      شمول الجانب الفقهي لأجزاء الحج وصفته: فهناك أربع عبادات ضبطها يستلزم الجمع بين أجزائها وصفتها، وهي: (الوضوء، والصلاة، والعمرة، والحج)، فلا يقتصر المتعلم لفقه الحج على مجرد الأجزاء، وهي: (الشروط، والأركان، والواجبات، والمستحبات، ...إلخ)، أو يقتصر على معرفة صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم فقط كما في حديث جابر، وذلك لأن ثمرة الأجزاء معرفة الأحكام، وثمرة الصفة معرفة ترتيب الأجزاء، ومعرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والحاج بحاجتهما جميعا، قال شيخنا صالح بن عبد الله العصيمي: "من أراد إحكام مسائل الحج فعليه أن يدرسها في كتب الصِّناعة الفقهيَّة المشتملة على ذكر أركان الحجِّ وواجباته ومفسداته وأعماله، وأن يدرس الكتب المصنَّفة في صفة الحجِّ، ففيها سرد صفته مرتَّبةً على الأعمال، وأن يحجَّ أكثر من مرَّةٍ، فبهذه المسالك الثَّلاثة تقوى معرفته بمسائل الحجِّ".

5-      دراسة الجانب الفقهي بإجمال ثم تفصيل: فالحج طويل وواسع، ومما يعين على ضبطه أن تدرس الجانب الفقهي بقسميه مجملا، وإذا أتقنته دخلت في الدراسة التفصيلية، وقد بحث عن أقصر وأشمل رسالة في الحج فوجدت رسالة: "خلاصة صفة الحج" لصالح بن سعد القحطاني، وهي رائعة ومحررة.

6-      فهم الجانب الإيماني ثم العمل بمادته: الجزء الثاني من فقه الحج هو العناية بالقلب ومسائله، ويُضبط هذا الجزء بفهم مسائله ثم العمل بها قبل الحج بمدة كافية، حتى إذا تشربها القلب وانتفع بها قدر على فعلها في الحج دون عناء، ومن اعتقد أن إصلاح قلبه وتهذيب روحه يبدأ مع بداية أداء المناسك فقد أخطأ الفهم، وحرم نفسه فرصة عظيمة من فرص تزكية النفس، وذلك لأن القلب يحتاج إلى وقت طويل حتى يتشرب معاني الحج ويعمل بها ويتقنها!

7-      فهم الجانبين ثم حفظ مسائلهما: فضبط الأحكام يستلزم الجمع بين الفهم والحفظ، فتفهم مسائل الحج ثم تحفظها، وتفهم الجانب الإيماني وتحفظ ما تحتاج إليه كالأدعية، وذلك لأنه لن يبقى معك عند الممارسة العملية إلا ما حفظت، فاحفظ فقهيا رسالة "خلاصة صفة الحج" ثم زد عليها ما احتجت إليه، واحفظ إيمانيا رسالة "الدعاء" للشيخ سعيد بن وهف وزد عليها ما احتجت إليه.

8-      مراجعة فقه الحج سنويا: فالعلم لا يتقن من مرة واحدة، ومن أراد الرسوخ فعليه بالتكرار، وذلك بأن تقرأ أحكام الحج سنويا وتراجعها حتى ولو لم تحج.

9-      تكرار الحج قدر المستطاع: فكل حجة تحجها تزيد من فهمك للمسائل، وتفتح عليك مسائل أخرى لم تكن ببالك أثناء التعلم، وبهذا يزيد علمك في عملك وعملك في علمك!

10-                    تدريس الحج لغيرك: ولا يستلزم هذا أن تكون طالب علم أو مفتيا، فتدريسه لأهل بيتك، وأولادك، وأصحابك، ولو بصورة مبسطة مختصرة، يزيد من ضبطك له، وقد قالوا: إحياء العلم مذاكرته.

سؤال اللفتة: كم تطبق من هذه العشرة في دراستك للحج؟

اللهم أعنا على ضبط العلم والعمل به..


الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

نافذة الاستشارات (5) | ما الطريق إلى إشباع المتزوج؟

 

نافذة الاستشارات (5) | ما الطريق إلى إشباع المتزوج؟

السؤال:

أخي الكريم.. أنا متزوج منذ سنوات ولكني أشعر بعدم الإشباع في الفراش وأريد أن ترشدني مشكورا إلى الحل، والله يحفظكم.

الجواب:

الحمد لله، أما بعد:

فإني أرحب بك أيها الموفق وأرحب بسؤالك هذا الذي أراه من الأسئلة الملحة عند كثير من الرجال، وأسأل الله أن يلهمني الصواب في الإجابة ويلهمك التوفيق في الفهم والعمل، أقول مستعينا بالله:  إن كثيرا من الرجال يظن أن مشكلة الشهوة تنتهي بدخوله إلى عش الزوجية، لكنه يتفاجأ بأنها تستمر معه بل قد تزيد، وذلك لأن المتزوج يصبح أكثر معرفة بمفاتن النساء وبتفاصيل أجسادهن، ولذا فنظرته إليهن أشد وأخطر من نظرة الأعزب العفيف، كما أن تذوق هذه الشهوة والوصول إلى مراده منها يُطمّعه فيما هو أعلى من ذلك، ولذا تتولد هذه المشكلة وهي إرادة الإشباع ويختلف الناس فيها، ويمكن أن نقول أن الشاكي من هذه المشكلة لا يخرج عن أربعة أحوال:

                الحالة الأولى: أن يكون واهما، وعلاجه في التجاهل والاشتغال بما ينفع.

                الحالة الثانية: أن يكون واهما، وعلاجه في ترك الحرام.

                الحالة الثالثة: أن يكون محقا، وعلاجه في الإصلاح مع زوجته.

                الحالة الرابعة: أن يكون محقا، وعلاجه في التعدد.

وتفصيلها كما يلي:

فالحالة الأولى: أن يكون واهما في احتياجه للتعدد، وسبب توهمه الفراغ والوسوسة، وشعوره بجريان الشهوة في نفسه، وعدم اشتغاله بما ينفع، فيظن أنه لم يشبع لكنه في الحقيقة شابع، والذي يدله على ذلك أنه لو أرغم نفسه على جماع زوجته أكثر من المعتاد لم تُقبل نفسه على هذا لشبعها، فمن كان يأكل ثلاث وجبات في اليوم واشتهى الأكل وأرغم نفسه على وجبة رابعة ولم يستطع فإنه يدرك بأن شهوته للطعام مجرد وهم، وكذلك من يجامع زوجته ثلاث مرات في الأسبوع مثلا ويشعر بالشهوة فليجرب رابعة وخامسة، فإن أبت نفسه ووجد صعوبة في القيام بذلك، فيعرف حينها أنه متوهم الشهوة ولا شهوة له وهو شابع فليحمد الله أولا، ولينشغل بما ينفعه ثانيا، فإن الفراغ آفة، وقد قال أبو العتاهية في بيته النفيس:

إنّ الشبابَ والفراغَ والجِدَةْ * مَفسدَةٌ للمرءِ أيُّ مَفسَدَةْ

والحالة الثانية: أن يكون واهما، وسبب توهمه القرب من الحرام، وذلك لأن معايشة الحرام كما في الوظائف المختلطة، أو مشاهدته كما في المواد الإباحية يؤجج الغرائز، حتى يظن الشخص أن زوجته لا تكفيه، وأنه بحاجة إلى أربع زوجات أو أكثر حتى يشبع شهوته، وهذه كلها أوهام يولدها الوقوع في الحرام، ومن تركه وجد أن زوجته تكفيه وعادت شهوته لحالتها الطبيعية.

                والحالة الثالثة: أن يكون محقا وعلاج مشكلته في إصلاح حاله مع زوجته عموما وفي جانب الجماع خصوصا، فمن الرجال من يكون غليظا مع زوجته سيء التعامل معها، ويتوهم أنه يستطيع أن يأخذ كل ما يريد حتى مع غلظته، لكنه يقع في مثل هذه المشكلة، ولا يدري أنها من فروع سوء الخلق، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل عن ذلك فقال: (يَعْمِدُ أحَدُكُمْ، فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِن آخِرِ يَومِهِ).

وإما أن يكون علاج مشكلته يتطلب إصلاحا لجانب الجماع خصوصا، من جهة مرات الجماع ووقته، أو من جهة مهاراته وفنونه، فإما أن يكون الإصلاح من جهة عدد مرات الجماع وأوقاته، فحينها يتفق الزوجان على أوقات تناسبهما ويأخذان عدد المرات الذي يكفيهما، وإما أن يكون الإصلاح من جهة المهارات والفنون، فهنا لابد من تعلم الجماع وطرقه وتفاصيله، فالجماع يُتعلم مثله مثل سائر الأمور في الحياة، وليس أمرا يُعرف بالبداهة ويُمارس بالعفوية، نعم يمارسه البعض بالعفوية وتمضي أموره لكنه ليس الأفضل والأتقن، فهناك الكثير ممن لم يعرف كيف يشبع نفسه وزوجته، ويتأكد هذا على الرجل في حق زوجته، لأن طريقة إشباعها لا تعرف على البداهة بل تحتاج إلى تعلم، ومن عرف كيف يستمتع بكل جزء من أجزاء زوجته تلذذ وأُشبع، ومن لم يعرف طالت حسراته.

وعندي اعتقاد أن كثيرا من النساء لا يزلن أبكارا بكارة معنوية، أي: أن زوجها لم يستمتع بها الاستمتاع الكامل، فهو يقترب منها ويمسها مسا خفيفا ثم يقوم، ويظل يشتكي من عدم الإشباع! وهو قد وصل وذاق ولم يشرب حتى يرتوي!

                والحالة الرابعة: أن يكون محقا وقد بذل كل ما في يده، من تجنب الحرام، وتعلم الجماع، والإكثار منه، وسلوك الطرق الصحيحة والمناسبة، ومع ذلك لا تزال حاجته قائمة، فعلاجه في التعدد، فيقبل عليه مستعينا بالله طيب النية فيه، فينوي أن يتزوج زواجا كاملا يقوم فيه بحقوق المرأة وما ينتج عن هذا الزواج من أولاد، ويحذر من النية السيئة التي يريد بها أن يتمتع بالمرأة متعة عابرة كما يتمتع أهل الحرام مشترطا تنازلها عن كثير من حقوقها، فمثل هذا لا يوفق ولا يعان على إشباع شهوته، وقد اشتكى لي يوما رجل من هذه المشكلة فوجدت أنه يطيل نظره في النساء، ويُقصّر في أوراده الإيمانية، ويقع كثيرا في هذه الزواجات العابرة والسريعة، حتى أصبح عنده سعار في الشهوة، فهو يلهث كل يوم خلف امرأة ولا يجد الإشباع، ولا أفسر ذلك إلا أن الله حرمه الإشباع بسبب سوء نيته وعدم دخوله في زواج صحيح كامل.  

هذه هي حالات المشكلة الأربع، وقد يجتمع منها اثنان في المرء كأن يكون فارغا وواقعا في الحرام، أو واقعا في الحرام وعنده خلل مع زوجته، ومن صدق مع نفسه عرف من أي الأقسام هو ثم اشتغل بعلاجها حتى تشفى، أسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرام وبفضله عما سواه، وصلى الله على نبينا محمد.

السبت، 19 يوليو 2025

رؤى (10) منهجية تدريس العامة

 

[10]

منهجية تدريس العامة

دعوة المسلمين في المساجد لها أربعة صور: الخطب، والدروس، والمحاضرات، والكلمات، وأريد في هذا المقام أن أقدم رؤية جديدة فيما يتعلق بالدروس، فنتحدث عن قواعد تدريس العامة، ثم منهجية مقترحة مع شرحها وبيان كيفية تطبيقها، ومن الله التوفيق والسداد.

من الضروري هنا أن أنبه إلى أن خطابي موجه للدعاة والمدعوين على حد سواء، فأريد من الدعاة أن يُدرّسوا العامة هذه المنهجية إذا ارتضوها، وأريد من المدعوين أن يتعلموا وفق هذه المنهجية، وأن يكون المدعو على بصيرة بما ينبغي أن يصل إليه، لأنه قد يحضر في المساجد عشرين عاما، ثم يشعر بالتكرار والملل، مع عدم إلمامه بكل ما يحتاج إليه، ولذا أقول له: استفد من هذه المنهجية وكثير مما فيها يُدرّس في المساجد، وأكمل الباقي مما لم تجده عبر الدراسة في اليوتيوب.

أولا: قواعد تدريس العامة:

1-      أهمية الجمع بين التعليم والوعظ، المتأمل في واقعنا يقف على القصور الذي لدينا حيث إن التعليم يوجه للخاصة والوعظ للعامة، مع احتياج الطرفان للأمرين، فالعامة بحاجة تعليم ووعظ، والخاصة بحاجة تعليم ووعظ، ويعتذر لذلك بعض الدعاة بأن المسائل العلمية تصعب على العامة، والجواب: أن يختار لهم أبسط المسائل التي يحتاجونها لا أن تقدم لهم نفس المسائل التي تقدم لطلبة العلم، ويعتذر آخرون بأن العامة لا يميلون إلى التعليم، والجواب: أن هذا أمر طبيعي لأن في الوعظ من اللذة ما ليس في المسائل، والوعظ موجه للقلب بخلاف المسائل فهي للعقل، والصواب ألا نوافق العامة على هذا بل علينا أن نعطيهم ما يحتاجون لا ما يحبون.

2-      العناية بترتيب الأولويات في التدريس، فينبغي أن ينظر الداعية لأهم ما يحتاجه الناس من العلم الواجب فيعتني بتدريسه، ثم يدرس ما يليه في الأهمية.

3-      اختيار الكتب المناسبة، ومن سماتها: أن تكون ذا لغة سهلة، وأن تكون شاملة، وفي مجلد واحد، فإذا كان الكتاب عاليا كان شرحه طويلا صعبا، وزهد الناس في حضور المجالس، وفي اقتناء الكتاب من باب أولى، وإذا لم يكن الكتاب شاملا اضطرنا هذا لشرح كتاب آخر في نفس الفن، وإذا لم يكن في مجلد واحد طال الطريق بأمر كان يمكن اختصاره.

4-      ضرورة تكرار الكتب مرة بعد مرة، فالتكرار من أصول التعليم خاصة للعامة، لأنهم لا يكتبون غالبا، وينسون كثيرا، ولأن الحاجة إلى هذه الكتب الأساسية لا تنتهي إلا بانتهاء الحياة، ولذا كان لزاما علينا أن نعيد شرح هذه الكتب، وأن نجاهد أنفسنا على الملل الذي نجده نتيجة كثرة التكرار.

5-      أن يكون شرح الكتب بتوسط، لا طويلا مملا، ولا قصيرا مخلا، وهذا قاعدة هامة، وذلك لأن الميل إلى أحد الطرفين يضيع الفائدة المرجوة، فمن شرح الأربعين النووية في أربع سنوات أضاع فائدتها، ومن شرحها في مجلس أو مجلسين لم يستخرج كنوزها.

6-      الختم ثم الختم ثم الختم، فإن فائدة الكتب لا تتم إلا بختمها، ومن أسوء ما يقع أن يبدأ الداعية في شرح كتاب ثم ينقطع ولا يتمه للناس، وتكون هذه عادته الجارية، فيحرم نفسه بهذا وإخوانه من إتمام الكتب، وحفز النفوس لما بعدها.

7-      اجمع بين الكتب والموضوعات العامة، فعامة المسلمين بحاجة إلى تدريس الكتب وما فيها من المسائل، وبحاجة إلى موضوعات عامة تعالج قضاياهم، ومحل الكتب في الدروس، ومحل الموضوعات في المحاضرات، والاقتصار على أحدهما خلل، ودمجها خلل آخر، فمن الدعاة من يكتفي بالدروس وهذا يقل النفع به، ومنهم من كل طرحه كلمات ومحاضرات وهذا يقل النفع به أيضا، ومنهم من يفتح دروسا لكنها لا تحوي شرحا لكتب وإنما يقدم فيها مادة المحاضرات وهذا خطأ وخلل.

8-      استعن بالله ثم اصبر، فإن كل هدف تريد الوصول إليه لا يمكن أن يتم دون استعانة بالله وصبر ومجاهدة، وتدريس العامة وتأصيلهم يحتاج إلى طول جلوس وصبر ومصابرة، أما الاكتفاء بالطرح السريع المختصر، فإنه لا يحقق ما نريد من أهداف ويبقي العامة في إشكالات كبيرة في التصور والعمل، وتذكر دائما أن الفهم يحتاج إلى وقت، ونحن نريد من عامة المسلمين أن يفهموا آلاف القضايا وهذا يحتاج إلى وقت طويل، وسنوات من العمل لا كلل.

ثانيا: منهجية تدريس العامة:

تأمل يا رعاك الله في المنهجية أولا، ثم سنعلق عليها ونبين ما فيها:

مستويات البرنامج

 

الدروس

البرامج

واللقاءات

 

 

 

المستـــوى الأول

العلوم الأساسية بشمول في كتاب

·       الجانب الإيماني:

- أدوية الذنوب: "تهذيب الداء والدواء" لسلطان الناصر.

- بناء الإيمـــــــــــان: "التوضيح والبيان لشجرة الإيمان" لابن سعدي.

·       الجانب العلمي:

- للأطفال: "الأربعون الولدانية"، محمد المهنا.

- للشباب: "مذكرة العلم الواجب للشباب"، خالد القرني، أو كتاب "سلسلة تسهيل العلوم الشرعية - المرحلة الأولى" لرشيد محمود الشافعي.

- للكبــــــار: "الدروس المهمة لعامة الأمة" لابن باز بشرح محمد العرفج، ثم كتاب "سبل السلام فيما لا ينبغي للمسلم جهله من العقيدة والسيرة والآداب والأحكام" لعبد الله البكري، ثم "تفسير الجزء الأخير من القرآن الكريم ويليه 31 موضوعا من أهم ما يحتاج إليه المسلم في دينه ودنياه" لأحمد المزيد وعادل الشدي.

 

 

 

* أولا: البرامــــــــج:

- برنامج التأهيل الرمضاني.

- برنامج تأهيل الحاج.

- برنامج التأهيل الزواجي.

- برنامج تأهيل المعتمر.

 

* ثانيا: الدورات:

- دورة قواعد تدبر القرآن.

- دورة مهارات اغتنام شهر رمضان.

- دورة الهدي النبوي في تربية الأولاد.

 

 

 

المستـــــوى الثاني

كتاب شامل لكل علم أساس

·       الجانب الإيماني:

- الأسماء الحسنى: "الأسماء الحسنى تصنيفا ومعنى" لماجد آل عبد الجبار.

- اليوم الآخـــــــــــر: "فقه الانتقال من دار الفرار إلى دار القرار" لعبد الله الفريح، "وتهذيب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" لسلطان الناصر.

·       الجانب العلمي:

o      الدراسة المباشرة للوحي:

- علم التدبــــر: "مبادئ علم التدبر" عبد المحسن المطيري.

- تدبر القرآن: تثوير آيات القرآن بدءا بالمفصل.

- تدبر الســـنة: تثوير أحاديث السنة بدءا من كتب الأربعينيات.

- تدبر السـيرة: تثوير أحاديث السيرة حدثا حدثا حتى آخرها.

o      الدراسة غير المباشرة للوحي:

- العقيـــدة: "أصول الإيمان" لنخبة من العلماء، أو "المختصر في العقيدة" لخالد المشيقح.

- التفسير: "المختصر في تفسير القرآن الكريم" لمركز تفسير.

- الحديث: "الأربعون النووية" للنووي، ثم "بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار" لابن سعدي، ثم "رياض الصالحين" مع تعليقات فيصل المبارك وحاشية هشام آل برغش.

- الفقــــــــــه: "الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة" لنخبة من العلماء.

- السيــــرة: "السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية" لمهدي رزق الله، أو "تيسير السيرة" لخالد الجريسي.

 

 

 

 

المستوى الثالث

التوسع في العلوم الأساسية والفرعية

·       الجانب الإيماني:

- فقـــــــــه العبــــــــــــودية: "عتبات العبودية" لعقيل الشمري.

- أساليب الشيــطان: "إرغام الشيطان" لسعد الشمري.

- أعمــــال القلوب: "أعمال القلوب" و "مفسدات القلوب" لمحمد المنجد، و"قواعد في أعمال القلوب" لعقيل الشمري.

- أعمـــــــــال الجوارح: لم يحضرني كتاب.

·       الجانب العلمي:

- الهدي النبــــــــــــــــوي: "كيف عاملهم e" و "أحوال المصطفى e" لمحمد المنجد.

- الأخـــــــــــــــــــــــــــــــــلاق: "مختصر موسوعة الأخلاق والسلوك" للدرر السنية.

- الآداب: "الآداب" لفؤاد الشلهوب.

- الأســــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة: "الأسرة المسلمة حقوق وواجبات" لفايز الصلاح، و"تهذيب تحفة المودود في أحكام المولود" لسلطان الناصر.

- التربيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة: "التربية النبوية" لمحمد الدويش.

- بناء المـــــــــــــــــــــــــــــرأة: "شرح عمدة المرأة" لعادل الحمد.

 

وإليك أيها الموفق بيان المنهجية وإيضاح فكرتها:

·       هذه المنهجية تنقسم إلى قسمين: قسم للدروس، وقسم للبرامج واللقاءات، وقسمت الدروس إلى ثلاث مستويات بحسب الأهمية، فيتدرج فيها المسلم شيئا فشيئا، أما البرامج واللقاءات فالحاجة لها متكررة كل سنة، ولذا ليس فيها مستويات، وإنما هي مجموعة برامج ولقاءات تكرر بشكل مستمر، وغالبها ينفع الجميع، لكن بعضها يختص بفئة محددة من المسلمين.

·       والفرق بين الدروس والبرامج والدورات، أن الدروس عبارة عن مجلس أسبوعي في المسجد لمدة ساعة أو نحوها في شرح أحد الكتب المقررة في المنهجية، أما البرنامج فهو عبارة عن مجموعة مجالس تحوي بعضها شرحا لكتب، وبعضها شرحا لموضوعات، مع تطبيقات عملية لإتقان مادة البرنامج، تقدم في شهرين أو نحوها، وأما الدورات فهي عبارة عن مجالس طويلة ثلاث إلى خمس ساعات يوميا لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة بحسب ما تحتاجه المادة.

·       ولمن أراد فهم فكرة البرامج بشكل أوسع فقد شرحتها في مقال: "الاغتنام الحقيقي لمواسم الخيرات".

·       في القسم الأول ثلاث مستويات، وكل مستوى ينقسم إلى قسمين: قسم إيماني، وآخر علمي، وهي متكاملة، فلا تغني كتب مستوى عن مستوى آخر، لكنها مرتبة حسب الأولى.

·       فأما الجانب الإيماني فعندنا ثمانية قضايا كبرى، كل قضية تحتاج أن تتقن من خلال كتاب أو أكثر.

·       وأما الجانب العلمي ففي المستوى الأول ندرس كتابا شاملا لأهم ما يحتاجه المسلم من العلم الواجب، وفي الحسبان أنه لو اكتفى به لكفاه إن شاء الله، وبعد طول بحث وتأمل وسؤال رأيت أن رسالة ابن باز مميزة في هذا وتسد الحاجة، بشرط أن تشرح شرحا وافيا، ومقترحي أن يعتمـــد شرحها للعرفج لا أن تدرس ذاتها، لأن الواقع يثبت أن القصور في تدريسها مباشرة كبير، وبهذا لا تتحقق الأهداف المرجوة، ولي مقال في كيفية تدريس هذه الرسالة، فإن أتقن العامي هذه الرسالة بشرحها فإنه يقرأ بعدها الكتابين المذكورين.

·       ولأن هذه المنهجية يراد منها أن تكون لعموم المسلمين، فقد ضمنت كتابا للأطفال، وكتابا للشباب، فأما كتب الأطفال فقليلة ويندر وجود المناسب منها، وهم يحتاجون لمنهجية خاصة، لكني اخترت لهم الأربعون الولدانية، وأما الشباب فلم أجد شيئا مناسبا لهم فاضطررت لكتابة رسالة تناسبهم، ثم وجدت بعد ذلك رسالة لطيفة أضفتها في المنهجية.

·       إذا أتقن المسلم هذا المستوى ينتقل للمستوى الثاني، والذي تنقسم فيه الدراسة العلمية إلى قسمين: دراسة مباشرة للوحي، ودراسة غير مباشرة، فالدراسة المباشرة للوحي تمكن من العيش مع نصوص الوحي والتلذذ بما فيها، مع التدرب على كيفية التعامل معها، وتدبرها، واستخراج كنوزها، وهذا كله مضبوط بقواعد وضوابط تُدرّس قبل تمكين العامة من التدبر.

·       والمقترح أن يكون تدبر الوحي ثلاثة مسارات: تدبر للقرآن، ويبدأ فيه بالمفصل لجلالته، وتدبر للسنة ويبدأ فيه بالأربعين النووية لعظمتها، وتدبر للسيرة وتدرس دراسة تأملية حتى تعين المسلم على اقتفاء هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

·       يأتي بعد ذلك النوع الثاني وهو الدراسة غير المباشرة للوحي عبر دراسة كتاب شامل في كل علم من العلوم الأساسية.

·       ثم ينتقل بعد ذلك إلى المستوى الثالث، وفيه من التوسع أكثر مما سبق، سواء في دراسة العلوم الأساسية أو الفرعية، لكني لم أكتب التوسع في دراسة العلوم الأساسية لأنه مفهوم ويمكن للداعية أن يقوم بذلك بنفسه، فمن عرف طريقة المستوى الثاني استطاع الإكمال في الثالث، واكتفيت بذكر التوسع في العلوم الفرعية لأنها بحاجة إلى تحديد وبيان.

·       حاولت في هذه المنهجية أن أحدد أهم ما يحتاجه المسلم، ثم أرتبه حسب الأولى، ومن هذا يتبين لنا أن بعض ما ندرسه لعامة المسلمين ليس ذا نفع كبير لهم، فليس في شيء من المستويات الثلاث!

·       ومن فوائد هذا التقسيم إفادة الداعية بأن كتب المستوى الأول تحتاج إلى تكرار مكثف دائم، وكتب المستوى الثاني بتكرار أقل، والمستوى الثالث أقل من الثاني، مع أهمية الجميع.

·       ولا يشترط أن يدرس الشيخ كتب هذه المنهجية بالترتيب، أو يقتصر على واحد منها حتى يتمه، بل يمكن أن يفتح أكثر من درس ويبدأ بما يستطيع عليه منها، أو ما تمس الحاجة إليه أكثر في بيئته.

والله أعلم.

خالد بن حامد القرني

تم بحمد الله السادسة مساءا من يوم الخميس

التاسع من ذي الحجة، لعام ستة وأربعين بعد الأربع مائة والألف


لفتة (29) كيف أتقن فقه الحج؟

  [29] كيف أتقن فقه الحج؟ الأربعاء 25/3/1447هـــ المقبل على العلم الموفق فيه هو الذي يولي قضية ضبط العلم عناية خاصة، وذلك لأنها طريق...