الأربعاء، 10 يونيو 2020

ماذا علمنا الحَجْر المنزلي؟


ماذا علمنا الحَجْر المنزلي؟

بسم الله الرحمن الرحيم
قال عمر بن الخطاب:(خذوا بحظكم من العزلة)([1])


عشنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية تجربة فريدة لم يسبق لنا ذوق مثلها، فقد مكثنا في البيوت ولم نخرج منها إلا للضرورة القصوى، وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا وما قامت به جميع الدول من إلزام الناس بالحجر الصحي أو الحجر المنزلي حتى لا تنتشر العدوى، وتتابعت الدول على عدد من الإجراءات منها: إغلاق الحدود، وإيقاف التعليم، والدوائر الحكومية، والنشاطات العامة كالملاعب والملاهي، وإغلاق المطاعم والأسواق وإيقاف جميع المناشط الثقافية ومنع إقامة المناسبات الاجتماعية، وفرض حظر التجول  الكلي والجزئي على الناس وأمروا بالبقاء في بيوتهم والبعد عن الاختلاط، فكيف كانت هذه التجربة؟ وما الدروس التي تعلمناها من الحَجْر المنزلي؟ أقدم في هذا المجال إجابة على هذه الأسئلة من خلال النقاط الآتية:

1) رأينا بجلاء معنى "ورجل قلبه معلق بالمساجد"، فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: ... ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ ...)([2]) نعرف هذا الحديث وزدنا هذه المرة إيمانا به، فعندما جاء الأمر بإغلاق المساجد والصلاة في البيوت رأينا العديد من المؤذنين يأذنون أول أذان بعد الأمر وهم يبكون - وصور ذلك ونشر في مواقع التواصل -، وبكى بعض من سمعهم، وحزن المرابطون في المساجد حزنا شديدا على هذا الفراق، وهذا شعور لا يفهمه إلا محبو المساجد، ممن آمن بالله وأحبه وتقرب إليه، وفي المقابل حصل استهزاء وسخرية من بعض المنافقين بهذه المشاعر وبمقاطع البكاء نسأل الله أن يعاملهم بعدله.
ولعل من خيرات ذلك تحسر المقصرين فبعض الشباب لمْ يكن يحرص على الصلاة في المسجد أحس حينها بمرارة تفويت صلاة الجماعة، وشعر بنعمة كانت بين يديه ولم يكن يغتنمها، فعقد العزم على تعويض ما فاته بعد زوال الأذى، ومما يبين خيرية المسلمين وحبهم للمساجد والقرب منها أن أحد المغردين على تويتر سأل متابعيه فقال: "ما أول عمل ستفعله بعد كورونا؟ وما أكثر شيء تشتاق إليه؟" فأجاب غالب الناس إن لم يكن كلهم: "المسجد"، وعندما فتحت المساجد حصلت فرحة عارمة في نفوس الناس ففي الكويت مثلا اجتمعت الجمعيات الخيرية وذبحت عند الجامع الكبير مائة رأس وقسمتها على الفقراء شكرا لله على نعمة العودة إلى المساجد، ونشر أحدهم صورة لوالده وهو مستعد في كامل زينته جالس ينتظر قبل الفجر بنصف ساعة كأنه ينتظر العيد أو ينتظر حبيب له، كل هذه المشاعر تؤكد على أن أمة ترى العودة للمساجد عيدا لن تغلب بإذن الله.

2) زاد تعظيم شعيرة الأذان الذي هو من شعائر الدين الظاهرة في هذا الحدث فعندما أغلقت المساجد سعد الناس بأمر بقاء رفع الأذان، وعندما أمر بحظر التجول ليلا استثني من ذلك المؤذنون، وكيف سيكون حالنا لو لم يرفع الأذان؟! فبعضنا مقصر في الصلاة منذ منعت الصلاة في المساجد فكيف لو منع الأذان؟!

3) تعلمنا هذه الأزمة إعادة النظر في تعاملنا مع كلام الله وتلقينا لفتاوى العلماء، فقد كان البعض يستجيب للتوجيهات الصحية أكثر من استجابته للأوامر الشرعية، ويستسلم لكلام الأطباء مع معارضته لفتاوى العلماء! ويتقبل اختلاف الأطباء ويتفهمه ولا يتقبل اختلاف العلماء ولا يفهمه!

4) قبل كورونا كنا نؤدي العبادات بسرعة وبلا خشوع، مع تفريط في الأوراد، معتقدين أن الوقت ضيق والأشغال كثيرة فلما مكثنا في بيوتنا وجدنا أنفسنا نقع في نفس الخلل وبهذا تبين أن قلة أو كثرة الأعمال ليست السبب الرئيسي لتقصيرنا في العبادات أو تركنا لبعضها، وإنما عدم صدقنا وتربيتنا لأنفسنا على العبادة.

5) ظهرت في هذه الأزمة حاجتنا إلى التعلم الإلكتروني، فعندما توقف التعليم المسجدي والتعليم النظامي شعرنا بفقد شيء أساسي من أساسات الحياة، وكان الإشكال أن هذا الأمر لم يكن محسوبا عندنا، فنحن لم نخض هذه التجربة باقتدار في وقت الرخاء فلم ننجح فيها بشكل كامل وقت الشدة، وهذا هو الذي جعل وزارة التعليم تجعل التعليم عن بعد اختياريا لمن أراد زيادة تحصيله في مراحل التعليم العام، فعندنا ضعف في البنية التحتية، وطلابنا لم يتعلموا كيفية التعلم عبر التقنية، وأما الدروس المسجدية فلم يستمر منها إلا ما كان له صلة بالتقنية من قبل وقد عرف بذلك، أما من كان يزهد في التقنية فإنه توقف تماما، ومن كان معتنيا بالتقنية لكنه لم يُعرف بذلك لم يجد قبولا كبيرا وذلك لأن الناس لا تعرف حساباته الإلكترونية من قبل، ولذا فإن هذه الأزمة تعلمنا العناية بالتعلم الإلكتروني من حيث تأسيس البنية التحتية، وتدريب الطلاب عليه، وتفعيل هذه الشبكات في أوقات الرخاء.

6) من الأمور المسعدة ما حصل من إقامة كم كبير من البرامج والدورات واللقاءات في جميع الجوانب عبر التقنية وخاصة بالبث المباشر عبر برنامج الزووم، وبرع في ذلك من كان له صلة بالتقنية من قبل، ومن كان مرنا فتحول للتقنية سريعا وأقام برامجه من خلالها، وقد رأينا مبادرة عدد من المراكز الذين قدموا برامجهم التدريبية بالمجان مراعاة للأزمة وحاجة الناس للتعلم، وكذلك قدم عدد من الفضلاء دوراتهم وبرامجهم هذه الفترة بلا مقابل لنفع الناس وإشغال فراغهم فجزاهم الله كل خير، وقد لقيت هذه البرامج قبولا كبيرا حتى أن التسجيل فيها يغلق في أول الساعات لكثرة المسجلين من الناس والذين تبلغ أعدادهم بالمئات والآلاف.

7) هناك أنفس لا تستجيب للوصايا والإرشادات والتنبيهات ولا يوقفها إلا عقوبة رادعة، وهذا ما حصل لأفراد قلة من المراهقين الذين كانوا يخرجون في وقت الحظر ويتباهون بكسرهم للنظام فقبض عليهم وأخذوا عقوبات مناسبة لفعلهم وهذا تصديق لقول عثمان بن عفان رضي الله عنه:(إنَّ اللهَ يزَعُ بالسلطانِ ما لا يزَعُ بالقرآنِ).

8) من الدروس المستفادة: تذكر إخواننا المستضعفين ـ فرج الله عنهم ـ في مشارق الأرض ومغاربها، وذلك أن الحجر الصحي الذي ألزمنا به وهو المكوث في البيوت ذكرنا بإخواننا المحاصرين في أماكن عدة، وذكرنا بإخواننا الذين لا يملكون بيوتا أصلا للبقاء فيها فقد اعتدي على بيوتهم وأملاكهم وهذا يتذكره كل من مل من الجلوس في البيت.

9) أعظم الناس انتفاعا بهذا الحدث المعتنون ببناء أنفسهم، الراسمون لحياتهم خططا في التعلم والارتقاء، فهم المتقدمون لا المتأخرون {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}([3]) ، فمن أعظم الصدمات التي واجهت الكثير كيف يتعامل مع هذا الفراغ الكبير؟! فلا خروج من البيت إلا لقضاء الحاجات الضرورية، وكل شيء مغلق المدارس والجامعات، والمساجد، وأماكن الترفيه والمنتزهات، ويجب المكوث في البيت لأجل غير مسمى! هنا برز أصحاب الهمم العالية في اغتنام الوقت فأخرجوا جداولهم وأبرزوا خططهم، وعملوا عملا مكثفا على إنجازها، وأصبح يتردد على مسامعنا كلمة يرددها الجادون: "لقد أنجزت أعمالا منذ زمن لم أجد لها وقتا"، وتناقلنا وصية هؤلاء الجادون؛ "أن اغتنموا هذه الفراغ الكبير بما يعود عليكم بالنفع والفرح بعد هذه الأزمة"، وفي المقابل هناك من ضيع وقته وأفسد دينه ونفسه بالجلوس على ماحرم الله، وكما أن أهل الخير يتواصون فأهل الشر يتواصون أيضا فقد كان يوصي بعضهم بعضا بإنجاز المسلسلات والأفلام! وهذه مصيبة والله، قال النعمان بن بشير: "إن الهلكة كل الهلكة أن يعمل بالسيئات في أوقات البلاء".
وطائفة أخرى كانت تشغل نفسها بالمباح ومن ذلك الألعاب، ومن العجيب أن بعض الألعاب قد نفدت من السوق كلعبة الكيرم وباعها بعضهم بخمسة أضعاف سعرها!
وفي ما حصل درس تربوي عظيم وهو أن تربية النفس على الجد والعزلة في وقت الرخاء ينفعها كثيرا في وقت الشدة، ولذا كان يردد بعض من لم يعود نفسه على الجد أن الوصية باغتنام هذه الأزمة في تحقيق الأهداف وإنجاز الأعمال إنما هو ضرب من ضروب المبالغة والمثالية وذلك لأنه لم يعشها بنفسه! وفي المقابل اعترف جملة من أهل الفضل بأن العزلة كانت نعمة عظيمة وأنهم قرروا الثبات عليه بعد الوباء.

10) تربينا على دقة ملاحظة النعم واستشعارها وشكرها، ففي هذا الحدث تيقظنا لنعم كنا نعتبرها عادية ولا نذكرها فضلا أن نشكرها كنعمة الزحام، والصفوف الملتفة حول الكعبة، ونعمة المساجد والذهاب إليها، ونعمة الاجتماع بالأحبة، ونعمة البيوت، ونعمة العمل وغير ذلك، وأصبحت أقصى أمانينا أن نعود لحياتنا الطبيعية العادية التي لم تكن تعجب الكثير منا! {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}([4])،{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}([5]).

11) علمنا الحجر أننا نستطيع الاستغناء عن كثير من الأمور التي كنا نعتقد بأنها ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها ككثرة الخروج من البيت، والسفر، والتنزه وغيرها.

12) امتد أثر هذا الحدث ليشمل الأسر ويؤثر عليها تأثيرا كبيرا فمن الإيجابيات التي وقعت: اجتماع الأسر وتآلفها وتعاونها وقيامها بالطاعة، فأشغال الحياة الكثيرة وطبيعة حياتنا كانت تحتم علينا أحيانا قلة التواصل مع أفراد أسرنا، فجاءت هذه الأزمة لتجعلنا نجتمع ونقترب من أهالينا ونعوض ذلك التقصير الذي حصل منا، فالجلوس في البيت مع الأسرة حسنة من حسنات كورونا، نتج عنه قرب الشخص من والديه وإخوانه وزوجته وأولاده، ونتج عنه القيام بالطاعة فكان الرجل يصلي بأهل بيته لينال أجر الجماعة، ونتج عنه أيضا مساعدة الرجل لأهل بيته فمما انتشر كثيرا دخول الرجال للمطابخ وصنعهم للطعام وهذا من آثار الفراغ وفيه إسعاد للزوجات، والدرس المستفاد من هذه النقطة: استمرارية هذه العلاقة الحسنة بعد الأزمة ولو بصورة مصغرة، وفي المقابل ارتفعت نسبة المشكلات الزوجية في جملة من البيوت وذلك بسبب عدم التوافق بين الزوجين من فترة طويلة مع سوء في الخلق وتراكم للمشكلات فلما مكث الاثنان مع بضعهما وقتا طويلا حصل ما حصل وفي هذا درس وهو أن يحسن الرجل علاقته مع زوجته في أيام الرخاء قبل الشدة.

13) من الدروس المهمة: ما وجده بعض الرجال من جهل أهل بيته بأحكام الصلاة مثلا، فيقول أحدهم: لما صليت بزوجتي كانت تستغرب من بعض ما أفعله فأخبرتها أن هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول آخر: كان أولادي يسألونني عن بعض الأفعال التي أقوم بها في الصلاة فكنت أشرحها لهم، فلولا فضل الله ثم هذا الحجر ما تعلم كثيرا من أفراد أسرنا هذه الأحكام، وهذا يدعونا لقضية مهمة وهي العناية بتعليم أهالينا ما يحتاجون إليه من العلم الشرعي وهذا من المسؤولية الملقاة على عاتق الرجل، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإِمامُ راعٍ ومَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ راعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ...)([6])، ومن المشاهد المفرحة: ما وقع للأسر التي كانت تدفع أبناءها لحلقات التحفيظ فقد رأوا ثمرة ذلك في هذه الأزمة بأن كان هؤلاء الأبناء يصلون بأسرهم في الصلوات الخمس وفي التراويح، وهذا من الثمرة العاجلة لتعليم الأولاد القرآن.

14) من دروس الأزمة: أننا فهمنا جيدا بأنه لا يوجد حرية مطلقة، فالحرية مقيدة بقيود عديدة يقبل المسلم منها الديني ويقبل العلماني والكافر منها الدنيوي، فالمسلمة تلبس الحجاب خوفا من الله، وغيرها يلبس الكمام والقفازات وغيرها خوفا من كورونا!، والمؤمنة تترك مصافحة الرجال استجابة لله، وغيرها يترك مصافحة الرجال خوفا من العدوى! والفرق بأن حرية المسلمة مقيدة بقيد الشرع، وحرية غيرها مقيدة بقيد الدنيا والصحة!، وتجد من كانوا يزعجوننا بإغلاق المحلات وقت الصلاة لدقائق صامتين بل مستبشرين بإغلاق جميع مرافق الحياة لغالب ساعات اليوم من أجل حماية الصحة! ونحن لا نعترض على هذا الإغلاق لكننا نعترض على من يوافق على هذا ويشغب على هذا! ولا أدري ما رأي العلمانيين اليوم بالحجاب وتغطية شعر المرأة ووجهها بعد تصريح الرئيس الأمريكي ترمب الذي يدعو فيه لتغطية الشعر والوجه بدلا من الكمامات! ولدعوة مركز مكافحة الأمراض والوقاية الأمريكي لصنع غطاء الوجه واختيار اللون الأسود تحديدا! وما قولهم في الرئيس الفرنسي الذي يمنع الحجاب ثم غطى وجهه بالكمامة فما هذا التناقض!

15) يقول الشيخ مطلق الجاسر:  "ملأ الليبراليون الدنيا ضجيجا اعتراضا على (مبدأ سد الذريعة) لأن فيه اعتداء على حرياتهم بزعمهم وهو المبدأ الذي يحافظ على (الأديان) وهم اليوم يصفقون لنفس المبدأ مع أنه ذهب بحريتهم كلها وألزمهم البيوت للمحافظة على (الأبدان) نحن مع المبدأ في الحالتين وهم متناقضون"([7])

16) رأينا عيوب الحضارة الغربية العلمانية وشاهدنا الفقر الأخلاقي الموجود بها، فدول تقرصن الكمامات، وأخرى تقدم الشباب على الشيوخ في العلاج، ودول تستهين بأرواح البشر!، مع قطع الإمدادات والمساعدات الطبية بين الدول، والسطو على الشحنات الطبية، وكل هذا السقوط الأخلاقي ناتج عن نخب ثقافية وسياسية غربية، وخذ هذا العناوين على سبيل المثال لا الحصر:
·        "الجمعية الطبية ببريطانيا توصي بنزع أجهزة التنفس الصناعي عن كبار السن وإعطاء الأولوية لمن يرجى لهم الحياة أي صغار السن والشباب، التوصية جاءت بعد ارتفاع أعداد المصابين في بيانات بريطانيا يوم أمس"
·        "فرنسا تستولي على شحنة كمامات طبية كانت متوجهة للملكة المتحدة"
·        "تونس تعلن بأن إيطاليين قاموا بقرصنة باخرة قادمة إليها محملة بكحول طبية"
·        "جمهورية التشيك تعترف باستحواذها على شحنة أقنعة طبية وأجهزة تنفس كانت متوجهة من الصين إلى إيطاليا"
·        "الولايات المتحدة تشتري أقنعة طبية من الصين كانت موجهة إلى فرنسا بثلاثة أضعاف سعرها"
وهذا يدفعنا لأمرين: الأول: إيضاح هذه الحقائق وإبرازها للمخدوعين بهذه الحضارة الزائفة وفيها رسالة إلى جماعة "رأيت إسلاما بلا مسلمين!"، والأمر الثاني: أن نسعى لتقديم ديننا العظيم كبديل حضاري للعالم أجمع.

17) بعد مضي خمسمائة عام على رفع آخر أذان في أوروبا سمحت برفع الأذان فيها نشرا للطمأنينة والأمن الروحي، صموا آذانهم عن سماعه وها هم اليوم يسمحون به بل ويصفقون له فمن كان يصدق أن هذا سيحدث يوما؟ من كان يصدق أن الأذان سيصدح في بريطانيا وبلجيكا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا؟!

18) يقول أ. د. محمد أحمد لوح: "أثبت وباء الكورونا أن الدول قادرة على منع مظاهر الفساد، وإغلاق الخمارات والملاهي ودور البغاء، قادرة على تحكيم الشريعة وفرض الحجاب والقرار في البيوت، وأن الاعتذار بأن الناس غير جاهزين لقبول الشريعة اعتذار غير صحيح، فقد تبين أن ذلك كله ممكن إذا تعلق الأمر بمصالح الحياة الدنيا".

19) برزت في الأزمة أهمية الطب الوقائي أكثر من الطب العلاجي، وها أنت ترى الدول تبذل أموالا في العلاج فتبني مستشفيات تخصصية ومدن طبية لعلاج المرضى وكان الأولى بناء مراكز أبحاث ومصانع تطعيمات لسلامة الناس وحمايتهم.

20) انتقلت الأسر في هذه الأزمة للأكل من المنزل وتركت الشراء من المطاعم والذهاب إليها خوفا من الإصابة بالمرض، فحققت فائدة اقتصادية وتوفيرا للمبالغ التي كانت تذهب، مع فائدة تربوية وهي تعويد البنات على الطبخ وإكسابهن لهذه المهارة الأساسية، وهذا يعلمنا أننا نستطيع الاستغناء عن المطاعم والاعتماد على الأكل من البيت.

هذا ما وفق الله إليه من حروف فالشكر له سبحانه على جميع نعمه، ومنها نعمة العقل، ومنها نعمة القلم، ثم الشكر لأحبتي الذين شاركوني أفكارهم واقتراحاتهم ونقدهم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تم بفضل الله في الساعة السابعة مساء
من ليلة الأربعاء 18/10/1441هــ










([1]) [موسوعة ابن أبي الدنيا 6/503]
([2]) [أخرجه البخاري (660) واللفظ له، ومسلم (1031)]
([3]) [سورة المدثر، 37]
([4]) [سورة النحل، 18]
([5]) [سورة إبراهيم، 7]
([6]) [أخرجه البخاري (2558) واللفظ له، ومسلم (1829)]
([7]) تغريدة على حسابه في تويتر

لفتة (29) كيف أتقن فقه الحج؟

  [29] كيف أتقن فقه الحج؟ الأربعاء 25/3/1447هـــ المقبل على العلم الموفق فيه هو الذي يولي قضية ضبط العلم عناية خاصة، وذلك لأنها طريق...