التعليم المؤثر
العلم نورٌ لصاحبه في ظلمات الحياة، به يميّز بين الحق والباطل، ويعرف الهدى من الضلال، ويترقى، فكلما زاد علمه زاد فضله، وحسن عمله، ويكفي في فضله أن الجاهل يدّعيه ويتبرأ من جهله، ولمّا كان العلم بهذه المنزلة الجليلة، والدرجة الرفيعة، طمحت له النفوس، وسعى إليه أصحاب الهمم العالية.
والتعليم في واقعنا قسمان: الأول: التعليم النظامي: وهو ما يُتلقى عبر الدراسة النظامية في المدارس والجامعات. والثاني: التعليم غير النظامي: وهو ما يُتلقى عبر الدراسة المسجدية أو الذاتية، والكمال في الجمع بينهما؛ لأن لكلِّ منهما مزايا لا توجد في الآخر، وكل من يسلك طريق العلم يرجو أن ينال ثماره، فهو يأمل أن يكون التعليم مؤثرا عليه، لكن هذا الأثر المحمود لا يتحقق دائمًا لوجود جملة من العقبات وانتفاء عدد من الأسباب، وقد أحببت أن أسهم في هذا الموضوع بمقال أتطرق فيه لبعض ما يجعل التعليم مؤثرا - وأقصد النظامي منه-، وستكون المقالة على شكل فقرات، والله الموفق.
(١) | قضايا التعليم الكبرى
ستة عشر عامًا يمكثها الطالب على مقاعد الدراسة يدرس فيها عشرات المناهج، ويضبط آلاف المعلومات، ويتنقل بين أفياء العلوم، لكن الملاحظ أن الهم الذي يسيطر على الوزارة وعلى كثير من المعلمين هو: ضبط المعلومات الجزئية في المناهج، وعدم العناية بالقضايا الكبرى للتعليم وهذا خلل كبير، والصواب: العناية بالقضايا الكبرى وجعل المناهج تابعة لها لا العكس، وإليك سبعا من قضايا التعليم الكبرى:
القضية الأولى: حب التّعلم
وهي أول ما يُعتنى بها؛ لأنه إذا وجد الحب وجد النهم، قال الحسن البصري –رحمه الله -:(مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ مَنْهُومٌ فِي الْعِلْمِ لاَ يَشْبَعُ مِنْهُ وَمَنْهُومٌ فِي الدُّنْيَا لاَ يَشْبَعُ مِنْهَا)، وها أنت تجد أهل العلم يتحدثون لطلابهم كثيرًا عن فضل العلم، ويدرسون الكتب التي تتحدث عن ذلك، وهذا من طرائق زرع حب العلم في النفوس، -وهنا نقطة منهجية وهي: أنه ينبغي أن يجمع في الحديث لطلاب العلم بين الحديث عن فضل العلم، وعظم مسؤوليته؛ حتى تحدث الموازنة الصحيحة، وتوضع الأمور في نصابها-، وإذا نظرت في حال طلابنا وجدت كرهًا للتعلم وتذمرًا منه، ونفورًا من الكتب والمعلمين، غير الفرح الذي تراه بالإجازات وغياب المعلمين وتعليق الدراسة، حتى إنه أصبح التعليق بشارة يبشر بها الأب ابنه!!
ولهذه المشكلة أسباب أبرزها: ثقافة التذمر التي نسهم في نشرها في المجالس ووسائل التواصل، والإعلام السيء، وضعف جهود الوالدين.
ينبغي أن يتكاتف الجميع لحل هذه المشكلة بدءًا من وزارة التعليم مرورًا بالإعلام والمدرسة وانتهاء بالبيت، ونرجو أن تكون هناك عقوبات رادعة لمن يستهزأ بالمعلم والتعليم في وسائل الإعلام.
ولو أحب طلابنا التعلم لاختفت كثير من الظواهر التي نشتكي منها: كعدم احترام المعلمين، وكثرة الغياب لاسيما في الأيام التي قبل وبعد الإجازة، وضعف التحصيل الدراسي وغيرها، لكن مشكلتنا البحث في الجزئيات وإهمال الكليات.
القضية الثانية: إتقان القراءة والكتابة
القراة والكتابة هما مفتاح العلم، من لم يحصلهما لم يشم رائحة العلم وإن مكث على مقاعد الدراسة عشرين عامًا، والمؤلم أن الضعف في هذه القضية الأساسية ظاهر في جميع مراحل التعليم وتراه في طلاب الأول الابتدائي وفي طلاب السنة الأخيرة من الجامعة، ولا أذكر أنني اجتمعت في مجلس بمعلمين إلا جاء ذكر هذا الموضوع واتفق الجميع على أنها مشكلة عامة في الذكور والإناث، والصغار والكبار!
والبعيد عن ميدان التعليم قد يستغرب وضع القراءة والكتابة من القضايا الكبرى؛ لكن شدة الضعف الموجود فيها، مع كونها أمر أساسي لكل متعلم جعلنا نعطيها هذه المنزلة.
والذي يظهر أن الوزارة لا تنطلق في رسم سياسات التعليم ومناهجه من الواقع، وإنما من تنظير المكاتب والاجتماعات التي لا تعرف عن الواقع، ولا يُستغرب أن يكون الإداريون على غير اطلاع بما يجري في الواقع، لكن الغريب ألا يُستشار الرجل الذي يمكث يوميا ست ساعات في الميدان!
يزيد الطين بلة المشرفون الذي يدسون رؤوسهم في التراب، وينطقون بكلام يخالف العقل، عندما يوجهون بتدريس المناهج وحتى ولو لم يتقن الطالب القراءة والكتابة، وقد يعتبرها مشكلة ثانوية أو يطلب حلها من المعلم في غضون أسبوع أو أسبوعين!!
القضية الثالثة: معرفة ما لايسع المسلم جهله
أظن أن المناهج تقوم بدورها في هذا الموضوع، لكن الخلل في الطلاب الذين لا يعتنون بضبط ما تعلموا، وفي أولياء أمورهم الذين لا يهتمون لذلك، ومن المؤسف والله أن تجد طالبًا مكث ستة عشر عامًا أو أقل أو أكثر وهو لا يحسن الوضوء، أو يجهل أحكام الغسل، ولا يفرق بين أركان الإسلام وأركان الإيمان، وأركان الصلاة وسننها، والنداء يوجه للجميع بتكرار الحديث عن مهمات العلم، وعدم الملل من ذلك، وإجراء مسابقات ودورات لتحقيق هذه القضية عند أبنائنا.
القضية الرابعة: اكتشاف قدرات الشاب وتوجيهها نحو مايحسنه
أحد أهم أسباب ضعف أمتنا: عدم فاعلية أفرادها، وذلك لأنهم تائهون حائرون، لا يعرفون أنفسهم ولا أمتهم، وكثير من الشباب إن لم يشتغلوا بالشهوات والشبهات فهم على المباحات التي لا تعود عليهم بالنفع، وإذا وفق الشاب لسلوك طريق الخير ففي الغالب كما نرى في الواقع أنه لا يعرف قدراته، والمجال الذي يحسنه من أجل خدمة الأمة إلا في وقت متأخر، ولذا كانت هذه من قضايا التعليم الكبرى، فنحن نريد ألا يتخرج الشاب من الجامعة إلا وقد عرف نفسه وقدراته ومواهبه، وامتلك خطة يسير عليها في بناء نفسه، وإذا عرف المعلم الطالب بقدراته فقد أحسن إليه والله أيما إحسان.
القضية الخامسة: امتلاك الطالب لمفاتيح تخصصه
إذا عرف الشاب قدراته فإنه سيحدد التخصص المناسب له بسهولة، بعدها ينبغي أن يتقن الحد الأساسي من تخصصه ويمتلك مفاتيح ذلك العلم، بمعرفته إجمالا، ومعرفة علمائه، ومصادره الأساسية وكيفية التعامل معها والبحث فيها، مع إدراك تاريخ العلم، وكيفية تنزيله على الواقع، والقدرة على تبسيطه للناس ونفعهم بذلك، هذا الحد الذي يتحصل على مقاعد الدراسة أما الاستزادة والترقي فمهمة الطالب بعد تخرجه.
القضية السادسة: اكتساب الطالب للتربية والأدب
تنتج الشخصية المشوههة عندما تمتلك علما بلا تربية وأدب، بل يُخاف من هؤلاء استخدام العلم في تحقيق مصالحهم وشهواتهم، وخيانة الناس في العلم من أعظم الخيانة، ومن المفاهيم المغلوطة: الاعتقاد بأن التربية خاصة بالأطفال، وكذلك أن المسؤول عنها هما الوالدان، حتى ليخيل لبعض المعلمين أنهم مسؤولون عما بين دفتي الكتاب، وأما تأديب الطالب فلا يهمهم، ويرى الواحد منهم أمامه عشرات الأخطاء وكأنه لم يرَ شيئا!! والصواب: أن التربية للصغار والكبار، وكل من يعتني بتوجيه الناس فهو مرب كالوالد، والمعلم، ومحفظ الحلقة، وإمام المسجد، وغيرهم.
باب الآداب من الأبواب التي تقل العناية بها في التعليمين النظامي وغير النظامي، يدرس الطالب في المرحلة الابتدائية جملة من الآداب ويكون آخر عهده بها، ونحن بحاجة إلى إعادة تدريس هذا الباب في المراحل الباقية، وكذلك تدريسه في المساجد، وطرقه في وسائل الإعلام.
القضية السابعة: ترسيخ الهوية والاعتزاز بها
الإنسان بطبيعته له حاجات حسية كالطعام، والشراب، والنكاح، ومعنوية كالإيمان، والعلم، والانتماء، والمقام للأخيرة فيها، فانتماؤنا لديننا الإسلام أصح دين، وأعظم منهج، وأقوم طريقة، ولما غاب زرع هذا الانتماء انتقل شبابنا من الانتماء إلى الدين إلى التعصب للفرق الرياضية، والقبائل، وغيرها.
أركان الهوية ثلاثة: الدين، واللغة، والتاريخ، فهل ينتمي أبناؤنا لدينهم ولغتهم وتاريخهم؟!
القوة اليوم لمن ينطلق من عقيدة، أما المنطلقون من مصالحهم، فهم متذبذون يخدمون عقيدتهم عند الحاجة لها، ويهملونها عندما تكون المصلحة في تركها، ونحن نريد شباب الإسلام يتكلمون بعقيدتهم، ويعملون من أجلها، بل يبذلون أرواحهم لخدمتها.
هذه سبع قضايا كبرى ينبغي أن تكون نصب أعيننا عندما نقوم برسالة التعليم، وإذا امتلك الطالب هذه السبع قبل تخرجه نجح التعليم في تحقيق أهدافه.
(٢) | بين التلقين ومصادر العلم
يتردد كلام مغلوط بين أهل التعليم مفاده: "ولى زمن التلقين ولم يعد لنا به حاجة، وينبغي أن ننتقل من تلقين المعلومة إلى توجيه الطالب إلى مصادر المعلومة"، وسأبين الخلل في هذه المقولة، وأسعى لوضع الموازنة الصحيحة في هذا الموضوع، ومن الله التوفيق.
١. إلقاء العلم وتلقينه هو الأسلوب الأعظم في نشر العلم وبثه، وسيبقى كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
٢. المناداة بترك التلقين خطيرة، وكثير ممن ينادي بذلك لا يعي خطورة هذا الكلام، فالكتاب والسنة نُقلت إلينا بالتلقين ولا تزال، ولا يستطيع أحد أن يضبط كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا إذا جلس عند شيخ يلقنه هذا الوحي تلقينًا، وجميع الأساليب الحديثة والقديمة لا تغني عن التلقين، ولذا من أخذ الوحي من غير أهل العلم ضل، ومن الأسئلة التي توجه للمنادين بهذا الكلام: إذا تركنا التلقين كيف ندرس القرآن الكريم؟!
٣. جملة من الأساليب التعليمية الحديثة التي أتت لنا من الغرب وانبهرنا بها موجودة أصلا في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وفي تراث سلفنا الصالح، لكننا مقصرون في العودة إلى الكنوز التي نمتلكها، ومن الغريب أنني منذ دخولي للتعليم معلمًا وحتى الآن لم أرَ أي دورة في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم!
مع أنه قدوتنا وأسوتنا وأمرنا بالاقتداء به {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21)}، ولعل من يقرأ كلامي يشارك في سد هذه الثغرة بإقامة دورات للمعلمين في هذا الموضوع.
٤. من أخطاء التفكير الشائعة: إحداث التعارض بين أمور يمكن الجمع بينها، والأمثلة كثيرة جدا ومنها: أساليب التعليم، فلم نحدث تعارضا مع إمكاننا الجمع بينها؟!! ، فلكل أسلوب موقعه وفائدته.
٥. تعليم العلم والتوجيه لمصادره، مرتبتان من مراتب العلم لا ينكرها أحد، لكن السؤال: متى ينتقل الطالب من الأولى إلى الثانية؟ الجواب: إذا استكمل مرحلة التأسيس، وليس التوجه إلى المصادر مهما وإنما المنهجية التي سُتقرأ في ظلها تلك المصادر والتي نفشل في تكوينها لدى طلابنا، ومن المفاهيم المغلوطة: الاعتقاد بأن توفر مصادر المعلومات كاف في اكتساب العلم، والصحيح: أن الطالب بحاجة لتربية وتأسيس وإلا فالانحراف أقرب إليه من الهداية.
٦. هناك مرتبة تسبق مصادر العلم وهي: وسائل العلم، والفرق بينهما: أن المصادر يقصد بها كتب الفن الكبرى، ومراجعه الأصلية التي يستقى منها العلم، أما وسائل العلم فهي كل ما أوصل إلى العلم من طرائق كالقراءة، والسؤال، والاستماع، والبحث، وغيرها، ووسائل العلم يناسب تدريسها للمرحلتين المتوسطة والثانوية، أما مصادر العلم فهي مناسبة لطلاب المرحلة الجامعية.
٧. حتى لا يحصل خلط في التعليم فإن تدريس المقرر أولا، ثم تعليم وسائل العلم ومصادره ثانيا؛ لأن بعض الأساتذة يتحمس عندما يعرف قدر الوسائل والمصادر؛ فيندفع للعناية بها ويهمل المنهج الذي بين يديه، وهذا من عدم فقه الأولويات.
٨. من الواجبات الأساسية- كما ذكرنا في الفقرة السابقة- ألا يتخرج الطالب من الجامعة إلا وهو يعرف مصادر العلم، ويحسن التعامل معها، فمعيب أن طالب الشريعة لا يستطيع العودة إلى مراجع الفقه، والتعامل معها مثلا، وعلى باقي التخصصات فقس.
(٣) | لبنة الحصة
الحصة هي اللبنة الأساسية للتعليم - وتسمى في المرحلة الجامعية بالمحاضرة ولا مشاحة في الاصطلاح -، فصلاحها صلاح للتعليم، وقوتها قوة للتعليم، والاهتمام بها أحد ركائز التعليم المؤثر.
يحضر الطالب في التعليم العام ١١ ألف حصة، وفي المرحلة الجامعية ٢٠٠٠ محاضرة، فيكون المجموع ١٣ ألف مجلس علم! والسؤال ما الثمرة التي جناها من هذه المجالس؟! إذا نظرنا في المخرجات وجدنا ضعفا كبيرا، ومن أسبابه: ضعف الحصة وبذلها بغير إتقان، وسأتناول في هذه الفقرة عددا من المفردات حول هذا الأمر:
أولا: الوقت المستثمر:
قلنا أن الطالب يحضر ١٣ ألف حصة ومحاضرة، والسؤال: كم الوقت المستثمر منها؟!
لأن هناك أوقاتا كثيرة ضائعة بسبب التأخر عن دخول القاعة، أو الانشغال بالتجهيزات الإلكترونية، أو تجاذب أطراف الحديث مع الطلاب أو الزملاء، أو الجلوس على الجوال، أو غيرها مما لا يحسب وقتا مستثمرا ينتفع منه الطالب.
وجهت هذا السؤال لنفسي وسألتها: كم الوقت الفعلي في الحصص التي أدرسها لطلابي؟ فتفاجأت بالإجابة؛ لأنني وجدت خللا في عملي، وقد كنت أحسن الظن بنفسي كثيرا!، نحن مسؤولون أمام الله عن هذه الأمانة وينبغي أن نقوم بها أحسن قيام، وليحاسب كل منا نفسه ويصلح الخلل.
ثانيا: أجزاء الحصة:
لا ينقضي عجبي من المعلم الذي يشتكي من فراغ في حصصه، وأقول مباشرة: أنت مقصر في القيام بعملك؛ لأن المطلوب من المعلم أكبر بكثير من الأوقات المتاحة، ومما يوضح هذا أن ندرك أن الحصة لها أجزاء فهل تتوفر هذه الأجزاء في حصتك؟
١. مراجعة الدروس السابقة، ولذلك فائدتان: الأولى: تثبيت المعلومات، والثانية: ترابط الموضوعات.
٢. وضع مدخل للدرس الجديد.
٣. شرح الدرس الجديد.
٤. ختم الدرس الجديد ومراجعته والتأكد من فهمه، وهذه الأخيرة مهمة جدا ويُغفل عنها وفي أحيان كثيرة نظن أن الطلاب فهموا وهم لم يفهموا فإذا تأكدنا وقعنا على مواطن الخلل.
٥. التكليف بواجب مع تصحيح الواجب السابق.
فلو سار المعلم على هذه الأجزاء الخمسة لما كفاه وقت الحصة في غالب الأحيان، فكيف إذا أضفنا إليها غيرها؟!
ثالثا: هرم التعليم:
إذا انتهى المعلم من أجزاء الحصة الخمسة ووجد وقتا إضافيا، أو أسندت إليه حصص انتظار، أو انتهى من الخطة المطلوبة وزاد عنده وقت، فبماذا يشغله؟
أسهل حل لدينا أننا نخرج الطلاب ليلعبوا كرة القدم، وهذا لا بأس به، لكن لا يكون هو الأصل وإنما الاستثناء؛ لأن المعلم صاحب الرسالة لديه هم في نفع الطلاب والوقت قليل والهم كبير، وهؤلاء الطلاب سيبقوا عندنا فترة محدودة؛ فينبغي أن نغتنمها حق الاغتنام، تأمل معي في هرم التعليم الذي يحوي ست درجات وترتيبه من الأدنى إلى الأعلى كالتالي:
١. شرح الدرس بحده الأدنى.
٢. شرح الدرس بحده الأعلى.
٣. قضايا التعليم الكبرى.
٤. مهارات التعلم.
٥. مهارات بذل العلم.
٦. مهارات التفكير.
وبيانها كما يلي: فنقصد بشرح الدرس بحده الأدنى هو: الشرح العادي الذي يعرفه عامة المعلمين، أما الشرح بحده الأعلى فهو: ما زاد على الشرح العادي بأمور:
١- زيادة الأمثلة والتطبيقات، ففي الشرح العادي تكون الأمثلة قليلة وربما لم يسعف الوقت إلا بتطبيق أو تطبيقين، أما هنا فتزيد التطبيقات، والهدف أن يطبق جميع الطلاب ويتمرنوا على محتوى الدرس.
٢- شرح الدرس من جهة أخرى أو بأسلوب آخر، فإذا شرح تفصيلا يشرح إجمالا، وإذا شرح على طريقة نقاط فيشرح على خارطة ذهنية –مثلا- والقصد تثبيت المعلومات لكن بتجديد الأسلوب.
٣- تدريب الطالب على كيفية تنزيل الدرس لواقعه العملي، فمثلا: إذا كان الدرس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يكون التدريب: إذا رأيت منكرا فكيف تنكره؟
إلى غير ذلك مما يراه المعلم ويطبقه، وبطبيعة الحال لن يستطيع تطبيق كل هذه الزيادات، لكن يختار ما يرى الحاجة له داعية.
وأما قضايا التعليم الكبرى فهي التي ذكرناها في الفقرة الأولى، فيختار قضية ويشتغل بالعمل عليها.
وأما مهارات التعلم فهي: القراءة، والبحث، والسؤال، والملاحظة، والتلخيص، والسماع، وغيرها.
وأما مهارات بذل العلم فهي: الإلقاء، والكتابة، وغيرها من وسائل بث العلم ونشره، ونحتاج لها كثيرا لما نرى ممن يحمل في صدره علما ويعجز عن تعليمه.
وأما مهارات التفكير فهي: معروفة، كالمقارنة، والتصنيف، وتحديد المشكلات، وغيرها.
رابعا: طرائق التدريس:
بعد الحديث عن جوهر التعليم، وقضاياه الأساسية والفرعية، ننتقل الآن للمظهر والذي يأتي أخيرا وليس أولا، وأذكر أنني حضرت درسا نموذجيا عند أحد المعلمين فتفنن في الأساليب والوسائل وأكثر منها حتى ضاع محتوى الدرس، فلما انتهى طلب مني ومن بقية الإخوة الزملاء الحاضرين إبداء الملاحظات فقلت له: أبدعت في الوسائل والأساليب وأكثرت منها حتى ضاع المضمون؛ فغضب غضبا شديدا، وهذه مشكلة من ألف الثناء!.
على كل حال هذا باب واسع ولا حاجة للتفصيل فيه فهو أشهر من أن يعرف.
(٤) | مفهوم البناء
لكل صنعة أسرار، إذا عرفها صاحبها وتمكن منها كان عظيم الصنعة، كبير الأثر، ومن ذلك: العلم فإنه صنعة شريفة، لها قواعد وأسرار وفنون، وأحد الأسباب التي تجعل التعليم مؤثرا: أن يكون المعلم عارفا بصنعة العلم، وفي هذه الفقرة سأشير إلى مفهوم واحد من مفاهيم الصنعة وهو مفهوم البناء.
المقصود بمفهوم البناء: أن العلم هو عبارة عن بناء معنوي يقيمه المعلمون في عقول طلابهم، ويتعاهدونه حتى ينضج، ثم يستلم الطالب مسؤوليته إن شاء أكمله أو هده.
هذه هي النظرة الصحيحة للعلم التي ينبغي أن تكون حاضرة عند المعلم والمتعلم، فالعلم ليس معلومات متناثرة بل منظومة متكاملة مترابطة، تضبط أصولها ثم فروعها، والمعلم الواعي من يكون أول همومه معرفة مستويات طلابه العلمية، أو بمعنى آخر: معرفة حال أبنيتهم العلمية، وبناء على النتائج التي ستخرج له يحدد المهام التي سيقوم بها، فكل معلم يبدأ من حيث انتهى الآخر، وقد يجد أن هناك معلما أو أكثر لم ينفعوا الطالب ولم يسهموا في إكمال بنائه؛ وذلك لأنهم مقصرون في أداء الأمانة، أو يجهلون صنعة التعليم، وحينها فالقيام بالأمانة ليس في شرح المنهج؛ وإنما في إكمال البناء؛ لأنك قد تشرح للطالب ما لا يستطيع فهمه، كمن يشرح نواقض ونواقص الإيمان لطلاب لا يعرفون الإيمان ومسائله.
ولاشك أن الطلاب بينهم اختلافات كثيرة منها: القدرة على التلقي، تأمل حديث النبي ﷺ:(إِنَّ مَثَل مَا بعَثني اللَّه بِهِ منَ الْهُدَى والْعلْمِ كَمَثَلَ غَيْثٍ أَصَاب أَرْضاً فكَانَتْ طَائِفَةٌ طَيبَةٌ، قبِلَتِ الْمَاءَ فأَنْبَتتِ الْكلأَ والْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمسكَتِ الماءَ، فَنَفَعَ اللَّه بِهَا النَّاس فَشَربُوا مِنْهَا وسَقَوْا وَزَرَعَوا. وأَصَابَ طَائِفَةٌ مِنْهَا أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينَ اللَّه، وَنَفَعَه بمَا بعَثَنِي اللَّه بِهِ، فَعَلِمَ وعَلَّمَ، وَمثلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأْساً وِلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ) متفقٌ عَلَيهِ
وكذلك يختلفون في حرصهم على البناء العلمي، وفي مقدار ما حصلوه وما يحتاجونه، وكذلك اختلافهم في الأهداف التي يسعون إليها، وكل هذا يراعيه المعلم.
البناء العلمي هو: المعيار الحقيقي الذي نقوّم به الطلاب ونحكم من خلاله على مستوياتهم، وليس الشهادات أو عدد السنوات أو كثرة الكتب أو غير ذلك من المعايير الظاهرية، ولما غاب هذا الأمر اضطرت الوزارة لإجراء اختبار القدرات لتوجد معيارا جديدا يمكنها من تقييم الطلاب، وهذا شيء غريب أن دراسة الطالب لمدة اثنا عشر عاما لا تكفي للحكم عليه، بينما اختبار لمدة ثلاث ساعات يحدد له مستقبله!!، وكان الصحيح إصلاح الخلل الموجود في التعليم الذي يخرج نتائج غير صحيحة عن مستويات الطلاب، وبهذا نحفظ قدر العلم، ونقلل من الجهود التي بذلناها.
هناك قاعدة يجدر الإشارة إليها وهي: "أن الانقطاع عن البناء المعنوي يهده"، بخلاف البناء الحسي فلو بنيت طابقين مثلا وتركتها خمس سنوات وعدت إليها لوجدتها كما تركتها، أما البناء المعنوي مثل: الإيمان، والعلم، والتربية، والوعي، وغيرها، فإن التوقف والانقطاع يهد ذلك البناء ويعيده إلى الصفر أو شبه الصفر، وهذا الذي يفسر لك ضعف الطلاب بعد الإجازات رغم أنهم كانوا من المتفوقين قبلها، فالمعلم يتعب بالأشهر ثم يوصي أسرة الطالب إذا كان صغيرا، أو الطالب إذا كان كبيرا بالمحافظة على هذا البناء على الأقل إذا لم يكن هناك زيادة، ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي، ولو كان التحصيل العلمي المتين هدفا من أهداف الوزارة والأسرة والطالب لرأيت جهودا وبرامج ومشاريع لتحقيق هذا الهدف الشريف.
(٥) | المعرفة العميقة بالطالب
إذا أراد المعلم أن يكون مؤثرا على طلابه فليعرفهم معرفة عميقة، والمعرفة العميقة تشمل: معرفة قدرات الطالب ومواهبه، ومستواه في التحصيل، وحالته الاجتماعية والصحية، والأهداف التي يسعى لتحقيقها وغير ذلك، وهذه مهمة تحتاج لجهد وتعب ولذا فكثير من المعلمين لا يتعبون أنفسهم في تحصيلها ويكتفون بإلقاء المادة العلمية كيفما اتفق.
هذه المعرفة لا يستطيع في الغالب تحصيلها المعلم بمفرده، بل لابد من تعاون المعلمين عموما، والمرشد الطلابي خصوصا، وتكوين ملف لكل فصل به ورقة أو أكثر لكل طالب، يدون فيها المعلمون ملاحظاتهم ومعلوماتهم حول هذا الطالب، وكل معلم يدرس فصلا ما، يمر على مكتب المرشد الطلابي ويقرأ ملف الفصل الذي يدرّسه؛ ليتعرف على طلابه، وهذه الملفات خاصة ولا تخرج من مكتب المرشد، وإذا تخرج الطلاب فإنها تُتلف؛ لأنها مجموعة أسرار حُفظت لمعرفة كيفية التعامل مع صاحبها أثناء وجوده في المدرسة.
طرائق تحصيل هذه المعرفة كثيرة منها: إنشاء استمارة تحوي أسئلة شاملة لكل جوانب الشخصية ويطلب من الطالب الإجابة عليها بصدق، أما كتابة الاسم فهو اختياري، وتوضع هذه الاستمارات في ملف كل فصل، وحتى لو لم يكتب الطلاب أسماءهم فإن لها قيمة؛ لأنها تعطي معلومات دقيقة عن طلاب الفصل، ويستطيع المعلم بها أن يدرك ظروف من يقف أمامهم، كذلك من الطرائق: الملاحظة لا سيما إذا كان الأمر الملاحظ مستمرا أو اتفق عليه عدد من المعلمين، أيضا المواقف اليومية التي تحصل بين الطلاب أو بين المعلمين والطلاب، ولا ننسى دور الأسرة وأهمية ما تقدمه من معلومات عن أبنائها، ولو تواصل المرشد مع أسرة كل طالب وأخذ جملة من المعلومات لكان أمرا جيدا إلى غير ذلك من الطرائق.
(٦) | مشكلة "اختيار التخصص الجامعي"
هم يؤرق طلاب المرحلة الثانوية عموما وطلاب ثالث ثانوي خصوصا، كما أنه يؤرق أسرة الطالب ومعلميه، حيرة كبيرة تتعلق بكيفية اختيار التخصص الجامعي، والحل الشائع هو اختيار التخصص بناء على كلام المجتمع، أو رغبة الأسرة، أو توجه الزملاء والأصدقاء، وأحسنهم حالا من يدخل في دورة من الدورات التي تتحدث عن هذا الموضوع؛ ليخرج ببعض الإشارات التي تساعده على اتخاذ هذا القرار الصعب.
ليس غرض هذه الأسطر بيان كيفية اختيار التخصص فهذا معروف ومطروق، لكني أريد أن أصل إلى جذر المشكلة فأسأل: هل تعاملنا مع هذه المشكلة صحيح؟! والجواب الذي أزعمه: أننا مخطئون في التعامل مع المشكلة وفي توقيت هذا التعامل، وبيان ذلك أن مشكلة اختيار التخصص هي فرع من قضية كبرى وهي: "معرفة القدرات وتحديد الأهداف" فمن لم يضبط الأصل احتار في الفرع، ودليل ذلك أن الطلاب الذين يعرفون أنفسهم وأهدافهم جيدا و-هم ندرة- تجدهم لا يعانون من هذه المشكلة.
تأمل معي تجد أن وقت القرار في الثامنة عشرة من عمر الشاب، وهذا خطأ والصواب: أن نبدأ في هذه القضية وهو في الثالثة عشرة أي: في الصف الأول المتوسط، بطبيعة الحال لا نريد أن يقرر التخصص وهو في هذه المرحلة، لكن نريد أن نفتح له ملف "معرفة القدرات" في هذا السن، وندعه يتعرف على قدراته، ونساعده على ذلك، وندفعه لوضع أهداف لحياته، وسنجعل فترة هذه المهمة ثلاث سنوات، بمعنى: أنه لا يتخرج من المرحلة المتوسطة إلا وهو يعرف أهدافه، وإذا حصل ذلك فإنه يرسم لبناء نفسه مسارين: الأول: المسار الدراسي، والثاني: المسار الذاتي، وفي المسار الدراسي سيحدد نوع الدراسة التي يحتاجها في المرحلة الثانوية ثم يحدد تخصصه، وإن لم يحدد تخصصه فقد قطع شوطا كبيرا في معرفة نفسه، أما المسار الذاتي فيحتاج أن يعود لمتخصص يرسم له برنامجا يناسبه.
لو سرنا على هذه الطريقة لما رأينا ذلك الهم الذي يخيم على أبنائنا في نهاية الثانوية بإذن الله تعالى، وهنا قد يسأل سائل فيقول: أنا الآن متخرج من الثانوي وأريد جوابا في كيفية اختيار تخصصي أو يقول: أنا الآن طالب جامعي، وكل الكلام السابق فاتني فما العمل؟ أقول: انطلق في معرفة قدراتك من الآن وحسن من اختياراتك بقدر المستطاع، واعلم أنه لو فاتك أمر التخصص لم تفتك كثير من جوانب الحياة التي تحتاج فيها أن تعرف قدراتك وأكبرها: ملء حياتك وفراغك.
(٧) | التكامل بين البيت والمدرسة
يتفق العقلاء على أن العملية التعليمية تكاملية بين البيت والمدرسة، وعند تفريط أحدهما ففي الغالب أنه لا يتحقق البناء العلمي للطالب، وأريد في هذه الفقرة أن أقرب مفهوم التكامل ليكون واضحا للطرفين:
أولا: لنعلم أن المعلم زارع والبيت ساقِ، فالمعلم يزرع في نفس الطالب المعلومات، ويوضحها ويبينها، ثم يأتي البيت ليسقي ذلك الزرع بالمراجعة، وتحفيظ الطالب، وإجراء المزيد من التطبيقات العملية على الدروس، وإذا حصل هذا خرج الزرع بثمره الناضج.
ثانيا: المعلم فيما يتعلق بالبناء العلمي مسؤول عن طوبة واحدة أو طوبتين بقدر ما يدرس من المواد، فهو مسؤول عن طوبة الفقه، أو طوبة الرياضيات، أما الأسرة فهي مسؤولة عن أمرين: الأول: الجودة في البناء فالأب يبحث عن البنّائين المتميزين، ويضع ابنه عندهم، ويتابع بناء كل واحد منهم.
الأمر الثاني: تكامل البناء، فالمسؤولية الشاملة على هذا البناء وتكامله هو الأسرة، وأنبه أن رعاية الوالدين للبناء تكون بشكل أغلبي إلى المرحلة المتوسطة ثم يسلم الولد مسؤولية ذلك، وكما يقال: التعاون أساس النجاح، فإذا تعاونّا جميعا كسبنا جميعا، والله المعين.
(٨) | التوجيه والإرشاد
يتفاوت المعلمون في تأثيرهم على طلابهم لأسباب كثيرة أهمها: عناية بعضهم بالتوجيه والإرشاد على خلاف البقية، والإرشاد قدر زائد على التعليم، فالمطلوب من المعلم أن يعلم الطلاب لكن إرشادهم وتوجيههم أمر زائد يعتني به أصحاب الهمم العالية، والتعليم عناية بالطالب في جانب واحد وهو الجانب العلمي بينما الإرشاد عناية بالطالب في بقية جوانب حياته: أدبه وتحصيله وأسرته ودعوته وأخلاقه وغير ذلك.
يمكن تقسيم التوجيه بعدة تقسيمات منها: التوجيه العام، والتوجيه الخاص؛ فالتوجيه قد يكون عاما لكل الطلاب وقد يكون خاصا بطالب محدد، فمن أمثلة التوجيه العام ما كان يفعله أحد الأساتذة في الجامعة من جعله أول خمس دقائق في الحديث عن قضايا الأمة، وأستاذ آخر في المرحلة الثانوية كان يجعل آخر عشر دقائق للإجابة على مشكلات الطلاب التي يرسلونها إليه سموا أنفسهم أو لم يسموا، أما التوجيه الخاص فيبين الطالب هما من الهموم التي تعتريه لمعلمه والمعلم يساعده في ذلك.
هناك تقسيم آخر وهو التقسيم الموضوعي فمثلا: الإرشاد العلمي، فلا يكتفِ المعلم بشرح معلومات الدرس فقط وإنما يعتني بتحصيل الطالب لتلك المعلومات: كيف يحفظ؟ كيف يقرأ؟ كيف يرتب جدوله؟
هناك الإرشاد الخلقي: ويدخل فيه العناية بأخلاق الطالب والتزامه بالآداب...إلخ
ومن التقسيمات أيضا: الإرشاد قولي، وعملي، والعملي أبلغ وهو العناية بأن يكون المعلم قدوة لطلابه.
المقصود أن طلابنا بحاجة ماسة للإرشاد بأنواعه كافة، وعلى المعلم أن يحتسب الأجر في بذل جهده في هذه الجوانب، وهذا من أهم أسباب الفروقات بين المعلمين بل أسميه: سر الفرق، وأنصح ختاما بقراءة كتاب: "المدرس ومهارات التوجيه" للشيخ محمد الدويش.
١/ إصدار كتيبات تحوي معالم محددة عن تأهيل المعلم، وهذه المعالم قسمين: عامة وتخصصية، ثم تخرج هذه المادة بشكل عملي في برامج تدريبية، فيعرف كل معلم ما الحد العلمي والمهاري الذي ينبغي أن يتقنه ثم ينخرط في برامج تدريبية لاكتساب جزء من ذلك أما الجزء الأكبر فيحصله بنفسه.
٢/ توزيع كتب عن التعليم والتربية على المعلمين وفق تنظيم محدد لايكون المعيار فيه الكسب المادي.
٣/ تنسيق لقاءات علمية مع كبار المتخصصين في التربية والتعليم في كل إدارة من إدارات التعليم.
٤/ فتح موقع وحسابات إلكترونية توافي المعلم بكل جديد في التعليم.
٥/ إنشاء وحدة خاصة باستخراج تجارب المتقاعدين بالدرجة الأولى ثم من هم على رأس العمل وتدوينها ونشرها.
والمقترحات تطول في هذا والمعلم يحتاج الكثير، وقد يسأل سائل فيقول: إن التدريب قائم والمعلمون يستفيدون منه فما المشكلة؟ فأقول: تأهيل المعلم لاينحصر في الدورات فقط مع أهميتها بل هي منظومة متكاملة تحقق هذا الهدف الكبير، ولو نظرنا حتى للدورات لوجدنا فيها خللا من وجوه:
١- ليس هناك رؤى محددة يسعى التدريب لتفعيلها.
٢- بعض البرامج الموجودة كحقيبة المهارات الأساسية لتمكين المعلم مثلا تقدم في تسع دورات كل دورة ثلاثة أيام وهذا كثير وطويل لاسيما وأن الفراغ فيها كبير والمادة أكبر من الوقت.
٣- دخول التدريب في دائرة التكسب المالي، وما أكثر ما نرى من دورات تافهة ومدربين فارغين!
٤- هناك نقص في الطرح الشرعي في التدريب كما ذكرت هذا سابقا فلا نجد دورات في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم، والتذكير بالمعاني الشرعية كالإخلاص والأمانة وغيرها.
أختم الفقرة بما بدأت به بتوجيه الكلام للمعلم مذكرا بأن تقصير الوزارة في تأهليك لايبيح لك أن تقصر في تأهيل نفسك، ومن استعان بالله وصدق أعانه الله.
(٩) | تأهيل المعلم
عطاء المعلم هو نتيجة لعلمه وعقله وتجربته، ومن اختار التعليم مهنة له فلابد أن يكون على المستوى المطلوب، فيكون متقنا للتخصص الذي يدرسه ويلم بالأساسيات التربوية والمهارية التي تمكنه من إيصال المعلومات للطلاب، وتبصره بكيفية التعامل معهم، ومسؤولية التأهيل تقع على عاتق المعلم لكن لايمكن تجاهل الدور الكبير للوزارة في ذلك، فمن أهم المهام المنتظرة من الوزارة: ١/ إصدار كتيبات تحوي معالم محددة عن تأهيل المعلم، وهذه المعالم قسمين: عامة وتخصصية، ثم تخرج هذه المادة بشكل عملي في برامج تدريبية، فيعرف كل معلم ما الحد العلمي والمهاري الذي ينبغي أن يتقنه ثم ينخرط في برامج تدريبية لاكتساب جزء من ذلك أما الجزء الأكبر فيحصله بنفسه.
٢/ توزيع كتب عن التعليم والتربية على المعلمين وفق تنظيم محدد لايكون المعيار فيه الكسب المادي.
٣/ تنسيق لقاءات علمية مع كبار المتخصصين في التربية والتعليم في كل إدارة من إدارات التعليم.
٤/ فتح موقع وحسابات إلكترونية توافي المعلم بكل جديد في التعليم.
٥/ إنشاء وحدة خاصة باستخراج تجارب المتقاعدين بالدرجة الأولى ثم من هم على رأس العمل وتدوينها ونشرها.
والمقترحات تطول في هذا والمعلم يحتاج الكثير، وقد يسأل سائل فيقول: إن التدريب قائم والمعلمون يستفيدون منه فما المشكلة؟ فأقول: تأهيل المعلم لاينحصر في الدورات فقط مع أهميتها بل هي منظومة متكاملة تحقق هذا الهدف الكبير، ولو نظرنا حتى للدورات لوجدنا فيها خللا من وجوه:
١- ليس هناك رؤى محددة يسعى التدريب لتفعيلها.
٢- بعض البرامج الموجودة كحقيبة المهارات الأساسية لتمكين المعلم مثلا تقدم في تسع دورات كل دورة ثلاثة أيام وهذا كثير وطويل لاسيما وأن الفراغ فيها كبير والمادة أكبر من الوقت.
٣- دخول التدريب في دائرة التكسب المالي، وما أكثر ما نرى من دورات تافهة ومدربين فارغين!
٤- هناك نقص في الطرح الشرعي في التدريب كما ذكرت هذا سابقا فلا نجد دورات في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم، والتذكير بالمعاني الشرعية كالإخلاص والأمانة وغيرها.
أختم الفقرة بما بدأت به بتوجيه الكلام للمعلم مذكرا بأن تقصير الوزارة في تأهليك لايبيح لك أن تقصر في تأهيل نفسك، ومن استعان بالله وصدق أعانه الله.
إلى هنا تنتهي رحلتنا في التنقل بين هذه الفقرات التي أرجو أن تكون نافعة لكاتبها وقارئها، وأسأل الله أن تكون خالصة لوجهه، شاكرا الله تبارك وتعالى على ما امتن به علينا من سائر أنواع النعم ومنها: نعمة القلم، وأرجو من أحبتي أن يوجهوني بنقدهم وملاحظاتهم فنحن نكمل بعضنا بعضا، والله ولي التوفيق
الحادية عشرة وست دقائق من ليلة الجمعة ١٤٤٠،١٠،١٨
ثم إضافة على المقال الحادية عشرة من ليلة الأحد ١٤٤٠،١٢،٢٤
ثم إضافة على المقال الحادية عشرة من ليلة الأحد ١٤٤٠،١٢،٢٤